سورة النمل
آية (1):
* ما دلالة التقديم والتأخير في قوله تعالى: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) و(طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل) وما وجه الاختلاف بينهما واللمسات البيانية فيهما؟
د.فاضلالسامرائى :
ما ذُكِر فيها الكتاب وحده كما في سورة البقرة :(ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)) ولم يُذكر القرآن تتردد لفظة الكتاب في السورة أكثر من لفظة القرآن أو لا ترد أصلًا وما يرد فيه لفظ القرآن تتردد فيه لفظة القرآن في السورة أكثر من تردد لفظة الكتاب أو أن لفظة الكتاب لا ترد أصلًا. وإذا اجتمع اللفظان في آية يتردد ذكرهما بصورة متقابلة بحيث لا يزيد أحدهما عن الآخر إلا بلفظة واحدة في السورة كلها. ونأخذ بعض الأمثلة:
في سورة البقرة بدأت بلفظة الكتاب وترددت لفظة الكتاب ومشتقاتها سبعًا وأربعين مرة في السورة (47) بينما ترددت لفظة القرآن ومشتقاتها مرة واحدة فقط في آية الصيام.
في سورة آل عمران بدأت بلفظة الكتاب وترددت لفظة الكتاب ثلاثًا وثلاثين مرة في السورة (33) بينما لم ترد لفظة القرآن ولا مرة في السورة كلها.
هذا النسق لم يختلف في جميع السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة وهي مقصودة وليست اعتباطية حتى في سورة طه بدأت بلفظة القرآن وترددت لفظة القرآن ثلاث مرات في السورة بينما ترددت لفظة الكتاب مرة واحدة في السورة إلا في سورة ص تردد الكتاب والقرآن مرة واحدة.
وفي الآيات في السؤال آية سورة الحجر :(الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)) القرآن ورد في السورة أربع مرات والكتاب خمس مرات. وفي آية سورة النمل:(طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1)) تردد الكتاب مرتين والقرآن ثلاث مرات. وهذا السمت عام إذا تكررا يتكرران معًا بحيث لا يزيد أحدهما عن الآخر بأكثر من لفظة واحدة وما ورد فيه الكتاب هي التي تجعل السمة في التعبير في السورة.
آية (1):
* ما دلالة التقديم والتأخير في قوله تعالى: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) و(طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل) وما وجه الاختلاف بينهما واللمسات البيانية فيهما؟
د.حسام النعيمى:
ننظر لماذا جاءت كلمة الكتاب مع (الر) وكلمة القرآن مع (طس). هنا نحاول أن نستفيد من الدرس الصوتي وكما قلت طبّقت هذا على جميع الآيات التي فيها حروف مقطعة بحيث أستطيع أن أخرج بقاعدة حيثما وردت كلمة القرآن وحيثما وردت كلمة الكتاب:
(الر) مؤلفة من أربعة مقاطع (مقطع قصير يتبعه مقطع طويل مغلق ثم مقطعان مديدان). لما نأتي إلى (طس) نجد أنها مكونة من مقطعين (مقطع طويل مفتوح ومقطع مديد). الأول (الر) ينتهي بمديدين وفيه طويل مغلق فإذن هو أثقل من حيث الجانب الصوتي يعني يحتاج إلى جهد أكبر. أيهما يحتاج إلى مجهود أكثر: أن تنطق شيئًا أو أن تكتبه؟ الكتابة تحتاج المجهود الأكبر لأنها تحتاج إلى القلم وسابقًا الدواة والقرطاس والقصبة ويبدأ يخطّ الحرف خطّاً فهذا فيه جهد. الحروف المقطعة التي فيها جهد يأتي بعدها كلمة كتاب والحروف المقطعة التي هي أقل جهدًا يأتي بعدها القرآن. لأن القراءة أسهل من الكتابة. وننظر في الآيات حيثما وردت في القرآن:
الأحرف المقطعة جاءت في 29 موضعًا في القرآن الكريم والذي توصلنا إليه ما يأتي:
القاعدة: أنه إذا كانت الحروف المقطعة أكثر من مقطعين فعند ذلك يأتي معها الكتاب لأن الكتابة ثقيلة. وإذا كانت الحروف المقطعة من مقطعين يأتي معها القرآن باستثناء إذا كان المقطع الثاني مقطعاً ثقيلًا. مثلًا (حم) الحاء مقطع والميم مقطع ثقيل لأنه مديد (ميم، حركة طويلة، ميم: قاعدتان وقمة طويلة) وهو من مقاطع الوقف. فالميمثقيل لأنه يبدأ بصوت وينتهي بالصوت نفسه وبينهما هذه الحركة الطويلة والعرب تستثقل ذلك ولذلك جعلوه في الوقف. ما الدليل على الاستثقال؟ لما نأتي إلى الفعل ردّ يردّ أصله ردد يردد لكن ردد فيه الدال وجاء إلى الفتحة ورجع إلى الدال مثل الميم (ميم، ياء، ميم) فالعربي حذف الفتحة وأدغم فقال: ردّ. قد يقول قائل: ما الدليل على أن ردّ أصله ردد؟ نقول له صِل ردّ بتاء المتكلم (رددت) تظهر. إذن فهم لا يميلون أن ينقل لسانه من حرف ثم يعود إليه بعد حركة هذا يستثقله. فكلمة ميم تبدأ بميم وتنتهي بميم، كلمة نون تبدأ بالحرف وتنتهي بنفس الحرف وبينهما حركة. هذا مقطع ثقيل والكتابة أثقل فلما يكون المقطع ثقيلًا يذكر كلمة الكتاب. في سورة (ن) قال :(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)) لم يذكر الكتاب ولكنه ذكر آلة الكتابة (القلم) وعملية الكتابة (يسطرون).
آية (5):
*ما الفرق بين السوء والسيئات؟(د.فاضلالسامرائى)
السيئة هي فعل القبيح وقد تُطلق على الصغائر كما ذكرنا سابقاً في حلقة ماضية. السوء كلمة عامة سواء في الأعمال أو في غير الأعمال، ما يُغَمّ الإنسان يقول أصابه سوء، الآفة، المرض، لما يقول تعالى لموسى (عليه السلام) (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) طه) أي من غير مرض، من غير عِلّة، من غير آفة. (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ (5) النمل آية(5) كلمة سوء عامة أما السيئة فهي فعل قبيح. المعصية عمومًا قد تكون صغيرة أو كبيرة، السوء يكون في المعاصي وغيرها قال تعالى : (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ (123) النساء) آية(123) صغيرة أو كبيرة. فإذن كلمة سوء عامة في الأفعال وغيرها، أصابه سوء، من غير سوء، ما يغم الإنسان سوء، أولئك لهم سوء العذاب: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) غافر) كلمة سوء عامة وكلمة سيئة خاصة وتُجمع على سيئات أما كلمة سوء فهي اسم المصدر، المصدر لا يُجمع إلا إذا تعددت أنواعه، هذا حكم عام. ولكنهم قالوا في غير الثلاثي: يمكن أن يُجمع على مؤنث سالم مثل المشي والنوم هذا عام يطلق على القليل والكثير إذا تعددت أنواعه ضرب تصير ضروب محتمل لكن المصدر وحده لا يُجمع هذه قاعدة.
آية (8):
*ما معنى الآية (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا (8) النمل)؟(د.فاضلالسامرائى)
المفسرون ذكروا أقوالًا مختلفة فيها قسم قال:(من في النار) الملائكة (ومن حولها) موسى والنار ليست نارًا عادية وقسم قال: موسى من فيها والملائكة حولها وقسم قال: هو نور رب العالمين تراءى له كأنه نار. (من في النار) بمعنى (الذي) لذلك اختلف المفسرون وقسم قال: موسى الذي كان في النار غشيته رحمة الله وقسم قال: الملائكة في النار وموسى حولها وقسم قال :النار هو نوره سبحانه.
* موسى لم يكن كُلِّف بالرسالة بعد لكن في سورة النمل والقصص ومن الألفاظ الوحدة (رب العالمين) فما مناسبتها وهو لم يُكلّف بعد ولم يقل بنوإسرائيل بعد نحن شعب الله المختار؟(د.حسامالنعيمى)
هو يقينًا سينقل لأتباعه هذا الكلام أن الله سبحانه وتعالى نبّأني بهذا النبأ وخاطبني بربوبيته للعالمين أن الله رب العالمين ولا يعقل أن موسى (عليه السلام) سيقول لقومه: الله ربكم وحدكم وإنما هو الله رب العالمين. لا بد أن يقول موسى (عليه السلام) هذا الكلام فهذا تثبيت وتاريخ بهذا الكلام أنه قبل نبوّته أُشعِر بأن الله سبحانه وتعالى هو رب العالمين وبعد نبوته أيضاً وهو يُبلِّغ قومه ذلك لكن قومه معاندون وظلوا على عنادهم إلى يومنا هذا.
(فلما جاءها) و (فلما أتاها) تكلمنا عليها في المرة الماضية وبيّنا الفرق بين الجيم والتاء.
البناء للمجهول في (نودي) هو نوع من التعظيم والتفخيم لله سبحانه وتعالى الذي نادى (أن بورك من في النار) الله تعالى كلّم موسى وقلنا نحن متيقنون مطمئنون نؤمن بذلك يقينًا أن الله سبحانه وتعالى كلّم موسى تكليمًا لكن الهيئة أو الكيفية كيف كان الكلام وما ماهية هذا الكلام؟ هذا نؤمن به كما ورد في كتاب الله عز وجل. الكلام صفة من صفات الله عز وجل وصفات الله سبحانه وتعالى لا تدخل تحت عنوان شيء (ليس كمثله شيء) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله سبحانه وتعالى.
الفعل نادى يستتبع حرف جرّ نادى على فلان أو نادى كذا ناداه مباشرة، ناداه بكذا، تقول: ناديت زيدًا وفي آية أخرى ناداه ربه الفاعل معلوم وهنا بُني للمجهول بحسب مكانها هنا، لما قال ناده ربه فيه نوع من التطمين بحسب سياق الآيات ولكن هنا في المكانين (نودي) فيه نوع من التفخيم والتعظيم لذات الله سبحانه وتعالى. البناء للمجهول له أغراض منها تعظيم وتفخيم الفاعل الذي لا نريد أن نذكره وقد يكون للتحقيق بحسب السياق وأحيانًا للتنزيه (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ (10) الجن) تنزيه لله سبحانه وتعالى هن نسبة الشر إليه بينما مع الرشد ذكروا اسم الله تعالى (أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا). البناء للمجهول للمفعول أي إخفاء الفاعل له أغراض كثيرة في لغة العرب منها التنزيه منها التفخيم والتعظيم. فهنا من تعظيم الله تعالى وتفخيمه.
(أن بورك من في النار) أنزل الله عز وجل البركة على موسى (عليه السلام)(مَنْ) وعلى الملائكة (ومن حولها).
* موسى عليه السلاماعتقد أنها نار وهي ليست نارًا ولكن الله تعالى قال (بورك من في النار) فكيف نفسر هذا؟(د.حسامالنعيمى)
على فهم موسى لها هو فهمها نارًا ولم يفهمها نورًا ما زال يعتقدها نارًا وهو في عجب من أمره لأنه لم يكن يعرف شيئاً غير النار. هي ليست نارًا لأنها لم تحرقه وليس هناك وقود. مع إبراهيم (عليه السلام) كان هناك وقود وخشب أما هذه فهي أرض منبسطة على الجبل ليس هناك خشب، هو ينظر، لا يوجد شيء يحترق ولم يجد أحدًا والله سبحانه وتعالى أزال وحشته بهذا الخطاب المباشر وثبّت قلبه بالآيات لما قال:(ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جانّ) الجانّ هو الأفعى الصغيرة في أول فقسها من بيضتها وليس الجنّ. الجان من أسماء الأفعى الصغيرة وهذه تكون سريعة الحركة. وعصاه كانت غليظة فهي أفعى غليظة (ثعبان مبين) لكن حركتها فيها نوع من السرعة كسرعة الأفعى الصغيرة. فاضطرب وهرب ولم يعقّب ولم ينظر وراءه. شيء طبيعي أن يخاف لأن المشهد مخيف: هو في ظلمة الليل وإذا به يرى شيئًا يظنه نارًا، جاء إليه وإذا الأرض ليس فيها حريق أو حطب أو شيء من نار لكن الشيء الذي أمامه هو مظهر من مظاهر النار، هو دخل في داخله وكلّمه الله سبحانه وتعالى فصار يُخاطب.
سؤال: هل سمعت زوجة موسى مخاطبة الله عز وجل له؟
هذا خاص بموسى (عليه السلام) ثم إن المكان بعيد والله تعالى عندما يخاطب رسوله لا يسمعه الآخرون، الخطاب يكون للرسول على وجه التعيين ثم قلنا :هذا الخطاب لا نستطيع أن نقول هو صوت من أصوات الناس. كيف نودي؟ الله أعلم. هذا أمر خاصٌ بالله سبحانه وتعالى. ناداه الله عز وجل بكلامه الذي هو صفة من صفاته سبحانه وتعالى، كيف هو؟ الخوض فيه لا يؤدي إلى نتيجة، نؤمن به (يؤمنون بالغيب) كلام الله عز وجل غيب. تكلّم الله تعالى وخاطب موسى وسمع موسى لكن كيف تكلّم وكيف سمع موسى هذا لا يستطيع أحد أن يصل فيه إلى نتيجة لذلك نقول هذا غيب نؤمن به كما ورد في كتاب ربنا سبحانه وتعالى لكن أن نقول ما تكلم الله عز وجلّ، تكلّمت شجرة، تكلمت حجرة هذا لا يجوز وإنما تكلم الله سبحانه وتعالى وسمع موسى ووعى ما يقال له ولذلك نفّذ لما قال:(ألق عصاك) ألقاها.
قال:(إنه أنا العزيز الحكيم) وهناك قال:(إني أنا الله رب العالمين) يمكن قيل له أنني أنا الله رب العالمين العزيز الحكيم القادر المتصرّف، يمكن قال: له كل هذا الكلام لكن هنا اختار هذا الكلام وهنا اختار هذا الكلام لأن العزة والحكمة تتناسب مع القوة التي هي في سورة النمل. ورب العالمين عامة ذُكِرت هناك أيضًا فخصّص النمل بكلمة العزيز الحكيم لما فيها من قوة.
(إنه أنا الله رب العالمين) لما يعرّف بمن هذا الذي يكلمه استعمل ضمير الشأن (إنه) للتفخيم والتعظيم، إنّ الشأن، إنّ الأمر، إن هذا الذي يخاطبك يسمى ضمير الشأن أو ضمير القصة يعني أن الشأن والقصة والموضوع الذي أنت معرّض له (أنا الله العزيز الحكيم) بالعزة والحكمة. في القصص لأن فيها تفصيل شرح لنا النداء من أي جهة كان أما في النمل لم يشرح. في القصص قال:(نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ) من جهة الشجرة (أن يا موسى) تفصيل. هناك أن التفسيرية أو التفصيلية .
في النمل قال:(وألق عصاك) واختصر أما في القصص فقال :(وأن ألق عصاك) تفسير لأن فيها تفاصيل جاءت كلمة أن التفسيرية كأنها تفسير. ننظر في هذه الفاء في (فلمّا) يسميها علماء اللغة الفاء الفصيحة يعني التي تفصح عن كلام محذوف وهي تتكرر في لغة العرب وتتكرر في القرآن الكريم لأنه في غير القرآن كان المفروض أن يقال: (فألق عصاك فألقاها موسى فصارت أفعى فلما رآها تهتز). العربي يختصر أحياناً فالقرآن على سُنّة العربي اختصر واستعمل الفاء مفصحة عن محذوف (وألق عصاك فلما رآها تهتز) مفهوم لما قيل له ألق عصاك ألقاها مباشرة إشارة إلى الاستجابة كما قال في موضع آخر:(وأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق)اضرب بعصاك هذا أمر فانفلق، ما قال فضرب البحر. هذه الفاء الفصيحة مكررة في الآيتين إشارة إلى أنه استجاب فورًا: ألق عصاك، فألقاها. ومثلها (اضرب بعصاك الحجر فانفجرت) الفاء الفصيحة حيثما وجدت الفاء تعبّر عن كلام محذوف فهي الفصيحة وليس لها تأثير في الفعل وإنما هي عاطفة تعطف جملة على جملة.
(فلما رآها تهتز كأنها جانّ) الأفعى رآها على الأرضلم يُخيّل له وإنما هي رؤية حقيقية. تخيّل ذلك الجو المخيف في البداية ثم رأى النور فيه نوع من التطمين وكُلِّم ولكن مع ذلك طبيعة البشر هؤلاء الرسل هم بشر كما قال (صلى الله عليه وسلم): “إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد” فهم بشر فالطبيعة البشرية هو بيده عصى كان يتوكأ عليها، ألقاها، وبمجرد أن ألقاها فإذا بأفعى عظيمة تتحرك حركة سريعة جدًا كأنها الأفعى الصغيرة فمن حقه أن (ولّى مدبرًا ولم يعقّب) لا يحتاج أن يلتفت وراءه لأنه كان خائفًا.
سؤال:في الفرق بين سآتيكم ولعلّي آتيكم ننتقل إلى الوضع الذي كان فيه موسى فما هو المانع أن يقول لزوجه إني آنست نارًا سأذهب لأقتبس من النار شهاب قبس أو جذوة وطبيعي أن تعارضه زوجته قالت: كيف تتركني في هذا المكان الموحش؟ فيقول: لها امكثوا في البداية يقول لعلّي ويكون مترددًا ثم يأتيه الرجاء فيقول: سآتيكم. (لعلي) فيها رجاء لشيء مقبل عليه غير متأكد منه ولما تيقن أنه سيذهب قال: سآتيكم. ربما يصل إلى النار فيجدها مشتعلة فيأتيهم بشهاب قبس وربما يجدها جذوة فيقول بجذوة فهو يقول أشياء وما قاله موسى يكمل بعضه بعضا.
التوجيه الذي ذكره الدكتور لا مانع من أن يتصوره الإنسان هكذا. القول الذي قاله شيء ممكن جدًا ويمكن القول الذي أوردناه لأنه ما عندنا دليل قاطع على ما قاله وليس عندنا دليل قاطع لما أوردناه ولكن هذا يستشف من سياق الآيات. هل تكلم موسى مرتين؟ ما عندنا شيء ينفيه فالذي تفضّل به ممكن أن يكون مما فتح الله عز وجل به عليه لكن لا نقطع بشيء لكن نقول هذا الذي بدا لنا من خلال النظر في آيات الله سبحانه وتعالى.
آية (9):
*الكلام لموسىعليه السلام في سورة طه: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ (12) طه) ثم قال بعدها: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا (14))وفي سورة النمل :(يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)) فما الفرق بينها؟ (د.فاضلالسامرائى)
إني وإنني، إنني آكد من إني في زيادة النون وحتى يقولون في الساميات القديمة: إنني آكد من إني. (إنني) عبارة عن (إن) مع نون الوقاية مع الياء. (إني) إنّ من دون نون الوقاية والياء. نون الوقاية يمكن حذفها هنا تقول: إنني وتقول إني إذن حذفها ممكن فلماذا يؤتى بها؟ قلنا لزيادة التوكيد، إنّ مؤكدة وإنني زيادة في التوكيد حتى الدارسين للغات القديمة يقولون في اللغة السامية إنني آكد من إن يستعملون نون مؤكدة أخرى لأن النون مؤكدة في الأسماء والأفعال (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف) وللتوكيد أيضًا. هي النون تؤكد الأفعال وتؤكد الأسماء ويؤتى بها في آخر الفعل المضارع والأمر للتوكيد ويؤتى بها في أول الأسماء للتوكيد. إذا جيء بها في أول الأسماء هي مثقّلة لا ينطق بها لأن أولها ساكن فيؤتى بالهمزة حتى يُنطق الساكن فصارت إنّ. هي في أصلها نون بدون همزة النون في الفعل ليس فيها همزة تتصل بالفعل مباشرة لا تحتاج إلى همزة وهذه تتصل بالاسم لا يمكن أن ينطق بها أصلًا لأن الأول ساكن والعرب لا تبدأ بالساكن كل مُشدّد أوله ساكن فالعرب لا تبدأ بالساكن فجاؤوا بالهمزة لينطق بالساكن فصارت إن وأن وليس هذا فقط وإنما هي مع الأفعال الفعل يبنى على الفتح وفي الأسماء الاسم ينصب معها. إذن إنّ للتوكيد، النون هي توكيد الأسماء والأفعال تقع في آخر الفعل وفي أول الاسم هذا تفتحه وهذا تنصبه إذن النون آكد. يبقى لماذا هنا آكد من ذلك؟ ننظر الآيات (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) طه) يخلع نعليه لأنه بالواد المقدس. تستمر الآيات (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)) هذا أمر بالاستماع. هذا في مقام التوحيد والعبادة وفي الآية السابقة اخلع نعليك ولم يقل فيها استمع أما الآية الثانية فطلب منه الاستماع لأن الأمر الذي سيلقيه إليه أهم من خلع النعل. الكلام من الله تعالى في الآيتين لكن الكلام بعضه أهم من بعض. (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه) تبليغات في العقيدة ورسالة وليست كـ(اخلع نعليك) ليسا منزلة واحدة قطعاً. شبيه بها في كلام سيدنا إبراهيم (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) الأنعام) (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) الزخرف) ذاك في مقام تبليغ لأبيه وقومه فقال بريء وهنا مقام براء، براء مصدر أو تحويل إلى الصفة المشبهة وكلاهما أقوى من بريء، هذا إخبار بالمصدر عن الذات هذا لا يؤتى إلا في مقام التجوز تقول هو: سعيٌ له أو هو ساعٍ؟ هو سعيٌ، تخبر بالمصدر عن الذات. الإخبار بالمصدر عن الذات أي تحول الذات إلى مصدر (إنني براء) أقوى من بريء. براء مصدر وبريء صفة مشبهة، يقال هو: قدوم وهو قادم لا تقول بصورة قياسية إلا في مواطن تجوّزًا، الإخبار بالمصدر عن الذات تجوّز. لهذا قال:(إنني براء) حولها إلى ما هو أوكد وأبلغ من بريء (إنني براء) لأنه في مقام تبليغ وقوة في الكلام فقال إنني.
أما (يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) النمل) هذا ضمير الشأن الذي فيه التفخيم والتعظيم. (إنه) الهاء ضمير الشأن. ضمير الشأن هو أو هي فقط لأنه يعود على الشأن والشأن يعبر عنه بـ( هو أو هي. يأتي بإن وأخواتها أي النواسخ (ظننته، إنه، إنها) يسموه ضمير القصة والشأن لكن لما يكون مؤنثًا يسمونه ضمير القصة لأنه يعود على القصة مؤنث كلمة الشأن مذكر والقصة مؤنث (هي الدنيا تُغرّر تابعيها) هي ضمير الشأن لأن الشأن هو القصة يقال ضمير القصة عندما يفسر في جملة فيها مؤنث ولما يفسر في جملة فيها مذكر يقال ضمير الشأن. (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) هذا في مقام التفخيم والتعظيم. (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) النمل) هذا تعظيم وتنزيه، هذا يسمونه ضمير التعظيم.
آية (10):
*ورد في القرآن الكريم ذكر عصى موسى (عليه السلام) بأوصاف مختلفة مرة جان ومرة ثعبان ومرة حية فما الفرق بينها؟ (د.فاضلالسامرائى)
المعنى اللغوي للكلمات: الجان هي الحية السريعة الحركة تتلوى بسرعة، الثعبان هو الحية الطويلة الضخمة الذَّكَر، الحية عامة تشمل الصغيرة والكبيرة فالثعبان حية والجان حية. الحية عامة تطلق على الجميع أما الثعبان فهو الذكر الضخم الطويل والجان هو الحية سريعة الحركة. ننظر كيف استعملها؟
كلمة ثعبان لم يستعملها إلا أمام فرعون في مكانين (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) الأعراف) (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (32) الشعراء) وذلك لإخافة فرعون ثعبان ضخم يُدخل الرهبة في قلبه فذكر الثعبان فقط أمام فرعون.
كلمة الجان ذكرها في موطن خوف موسى في القصص (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31)) وفي النمل (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)) تتلوى وهي عصا واختيار كلمة جان في مقام الخوف (يَا مُوسَى لَا تَخَفْ) في القصص (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) عصا يلقيها تكون جان واختيار كلمة جان والإنسان يخاف من الجان والخوف والفزع. الجان دلالة الحركة السريعة، عصاه تهتز بسرعة. الجان يخيف أكثر من الثعبان فمع الخوف استعمل كلمة جان وسمي جان لأنه يستتر بمقابل الإنس (الإنس للظهور والجن للستر) هذا من حيث اللغة.
سؤال: كيف رآها وفيها معنى الاستتار؟ قد يظهر الجان بشكل أو يتشكل بشكل كما حدث مع أبو هريرة، قد يظهر الجان بشكل من الأشكال. كلمة (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) إضافة إلى أنها حية صغيرة تتلوى بسرعة إضافة إلى إيحائها اللغوي يُدخل الفزع لذلك استعملها في مكان (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ). كلمة ثعبان أو حية لا تعطي هذه الدلالة. أناس كثيرون يمسكون الحية أو الثعبان ويقتلونها وفي الهند يمسكون بالثعبان. كل كلمة جعلها تعالى في مكانها.
الحية جاءت في مكان واحد لبيان قدرة الله تعالى: (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) طه) لم يقل أن موسى هرب أو فزع. ذكر ثعبان مع فرعون لأنه مخيف وذكر جان مع موسى لأنها تدخل الرعب على قلب موسى. ذكر ثعبان مرتين أمام فرعون وجان مرتين أمام موسى.
سؤال: لماذا لم يذكر جان مع فرعون؟ لأنه مع الملأ الموجودين إذا كانوا مئات وتأتي بجان واحد ماذا يؤثر لذا اختار ثعبان لأنه يحتاج إلى ضخامة وقوة.
آية (12):
* قصة موسى عليه السلام من أكثر القصص التي فيها متشابهة فما اللمسة البيانية في اسلك يدك (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (32) القصص) وأدخل يدك (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (12) النمل)؟ (د.فاضلالسامرائى)
اسلك يدك في جيبك لا تناقض (أدخل يدك في جيبك) لكن يمكن أن نسأل ما سبب الاختيار؟ أصلًا (اسلك) إدخال بيسر وسهولة عمومًا وأدخل يدك، كله إدخال لكن يبقى السؤال لماذا هنا اختار اسلك وهنا اختار أدخل؟ لاحظ السلوك كثيرًا ما يعمل في سلوك السهولة مثل سلك الطريق (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20) نوح) (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً (69) النحل)، الدخول لا يستعمل لهذه الصورة. نلاحظ في سورة القصص تردد سلوك الأمكنة والسُبل يعني سلوك الصندوق بموسى، سلوك أخته، سلوك موسى في الطريق إلى مدين عندما فرّ، سلوكه إلى العبد الصالح (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا (25))، سلوك الطريق بالعودة إلى مصر فإذن أنسب استخدام (اسْلُكْ يَدَكَ)، في سورة النمل لم يرد كل هذا السلوك. من ناحية أخرى لو عرضنا هذه المسألة سنلاحظ أنه في القصص الجو في السورة كلها مطبوعة بطابع الخوف كان مقترناً بأم موسى (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)) ثم انتقل الخوف إلى موسى لما قتل واحداً (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ (18)) (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ (21)) الصالح قال (قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25)) حتى لما كلفه سبحانه وتعالى قال :(قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33)). في سورة النمل ليس فيها خوف وإنما قوة. إذن حالة الخوف واضحة في قصة موسى في سورة القصص أما في سورة النمل فمطلقة، السلوك أيسر من الدخول (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً (69) النحل)أيسر، (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ (21) الزمر) أيسر. أين نضع اليسر مع الخوف أو مع الشدة؟ اليسر مع الخوف أن ييسر عليه المسألة. ففي حالة الخوف ذكر أخفّ الفعلين (اسلك) مع حالة الخوف ذكر أخف الفعلين، مناسبة ومناسبة أيضًا لسلوك الطرق فمن كل ناحية أنسب والمعنى لا يختلف كلاهما يقال لكن اختيار بياني.
سؤال: ماذا قال ربنا في واقع الأمر: اسلك أو أدخل؟
هي لا تختلف، جاء أو أتى لما أترجم جاء أو أتى، قلت له اذهب أو امضِ، لكن اختيار اذهب أو امضِ، الإنسان البليغ يختار لسبب لكن المعنى لا يختلف، ماذا قال اذهب أو امضِ أترجمها حسب قدرتي البيانية والبلاغية أقول اذهب أو امضِ.
آية (17):
*ما الفرق بين أتى وجاء في القرآن الكريم؟ (د.فاضلالسامرائى)
القرآن الكريم يستعمل أتى لما هو أيسر من جاء، يعني المجيء فيه صعوبة بالنسبة لأتى ولذلك يكاد يكون هذا طابع عام في القرآن الكريم ولذلك لم يأت فعل جاء بالمضارع ولا فعل الأمر ولا اسم الفاعل. المجيء صعب. قال تعالى: (فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ (33) عبس) شديدة، (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) النازعات) شديدة، (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) الغاشية) لم يقل: أتتك الغاشية وإنما حديث الغاشية لكن هناك الصاخة جاءت والطامة جاءت. (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) النصر) هذا أمر عظيم هذا نصر لا يأتي بسهولة وإنما حروب ومعارك، (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) الإنسان) هذا نائم يمر عليه وهو لا يعلم، لم يكن شيئًا مذكورًا أي قبل وجوده لم يكن شيئًا مذكورًا قسم قال: لم يكن شيئًا لا مذكورًا ولا غير مذكور وقسم قال: كان شيئًا ولم يكن مذكورًا كان لا يزال طينًا لم تنفخ فيه الروح، ففي الحالتين لا يشعر بمرور الدهر فاستعمل أتى. إذن الإتيان والمجيء بمعنى لكن الإتيان فيه سهولة ويسر أما المجيء ففيه صعوبة وشدة ويقولون السيل المار على وجهه يقال له أتيّ مرّ هكذا يأتي بدون حواجز لأنه سهل. (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ (17) النمل) ليس هنا حرب، (وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ (16) يوسف) هذه فيها قتل. إذن هنالك فروق دلالية بين جميع كلمات العربية سوءًا علمناها أو لم نعلمها. رأي الكثيرين من اللغويين قالوا :ليس هناك ترادف في القرآن إلا إذا كانت أكثر من لغة (مثل مِديَة وسكين) ولا بد أن يكون هناك فارق.
آية (35):
*لماذا استعمل صيغة الجمع في قوله تعالى:(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍفَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) النمل)؟(د.حسامالنعيمي)
المرسلون هنا ليس المراد بهم النبي وإنما الذين أرسلتهم بلقيس يحملون الهدايا. بلقيس قالت :(وإني مرسلة إليهم بهدية) فكلمة مرسلون تشير إشارة إلى عِظم الهدية التي أرسلتها بحيث إنه كان مع الهدية مجموعة من الرسل الذين نقلوها إلى سليمان (عليه السلام) يعني فيها إشارة هذا الجمع هنا هي لم ترسل إنسانًا واحدًا بالهدية وإنما أرسلت مجموعة فيها إشارة إلى عِظم الهدية التي أرسلتها وملك يهدي إلى ملك لا بد أن تكون الهدية مناسبة. الهدية جنس منكّر، ترى ما هذه الهدية التي أرسلتها؟ لا شك أنها هدية تتألف من أمور كثيرة وعظيمة أولًا تشير إلى منزلتها لأن الهدية منزلتها من منزلة المُهدي (كما قيل لأحدهم لِمَ تعطي هذا العجوز التي قدمت لنا الطعام كل هذا المال فهي لا تعرفك قال أنا أعرف نفسي) الهدية بموجب الذي يهدي. هي لا شك لم ترسل إنسانًا واحدًا وإنما أرسلت مجموعة من الناس يحملون هذه الهدية فلا غرابة مطلقًا في (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ).
آية (37):
*ما الفرق بين الطاقة والقِبَل (قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ (249) البقرة) و (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا (37) النمل)؟(د.فاضلالسامرائي)
الطاقة القدرة والقِبَل القدرة على المقابلة والمجازاة على شيء تقول أنا لا قِبَل لي بكذا ولذلك (لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا) أي لا قدرة لهم عليها، لا قدرة لهم على المقابلة، لا قدرة لهم على مقابلتها بينما هم أصحاب قوة. (لا قبل لهم بها) هذا كلام سليمان، جماعة بلقيس قالوا:(قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ (33)) أي عندهم قوة وعندهم بأس في الحرب يستطيعون المقابلة. (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا) أي لا يستطيعون أن يقابلونا من البداية.أما في الثانية (قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ) أي ليس عندنا قوة ولا قدرة أصلًا. الأولون قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده هم أصلًا ليس عندهم قوة.
آية (40):
• ما الفرق بين (علم من الكتاب وعلم الكتاب)؟: (الرعد)-(النمل)(د.أحمد الكبيسي)
عندنا آيتان في كلمة “علم الكتاب”. تعرفون قضية بلقيس وسيدنا سليمان والعرش (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿38﴾ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴿39﴾ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴿40﴾ النمل) الآية الثانية (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿43﴾ الرعد) آية تقول أن هؤلاء الناس عندهم علم من الكتاب وليس كل الكتاب هذه الآية تقول عنده كل علم الكتاب (كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) آيتان لا بد من البحث والتقصي عن أسباب الاختلاف بين علم الكتاب وعلم من الكتاب ولا يمكن أن يكون هذا عبثًا وكفى بالله في هذا الكتاب العزيز حُكماً. طبعًا المفسرون لو تتبعتوهم ما من رأي يشبه رأيًا فالقضية من اللامعقول وكل واحد يحاول أن يستنبط وأن يضيف وأن يقيس وأن وأن ومن فضل الله أن كل ما قالوه كان صحيحًا مع اختلافهم فيما قالوه. يعني مثلًا باختصار شديد: أولًا ما معنى الكتاب؟ ما هو الكتاب؟ الله قال (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا ﴿32﴾ الكهف) كل بناية في هذا العالم وكل مؤسسة وكل عاصمة وكل سيارة تشتريها تجد معها كتيبًا يشرح لك هذه السيارة بكل تفاصيلها من ألفها إلى يائها هذا الكتاب له أسماء غربية( كتالوج) ..إلخ لكن هو كتاب يشرح لك خفايا وأسرار وتفصيلات هذه السيارة أو هذه العمارة أو هذه المؤسسة أو هذه العاصمة، هذا الدليل من الناس من يعرفه كله لا يغمض عليه شيءٌ منه هو يعرف لغات وعنده خبرة هندسية فلما قرأ هذا الكتاب فهم السيارة من ألفها إلى يائها بحيث لم يعد يخفى عليه ولا جزء واحد هذا عنده علم الكتاب، كل الكتاب صار في علمه. هناك واحد مثلي أنا ومثلي كثيرون والله يمكن لا يعرف سطرين لا نعرف فقط تعرف أن تشغل السيارة وتمشي أما هذا الكلام والتفاصيل لا أفهم منها شيئًا لو أقرأها مائة سنة لا أفهم منها شيء في ناس تفهم شوي أكثر في ناس شوي أكثر نتفاوت في الفهم أما أن أفهم الكتاب كله هذا قمة. طبعًا المفسرون عندما فسروا (عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ) أي إن الله سبحانه وتعالى هذا الكتاب الذي هو دليل الكون، يا إخوان هذا الكون كما في الدنيا ما في مؤسسة إلا فيها كتاب دليل يعلمك كيف تعرف أسرار هذه البناية، هذه المؤسسة، هذه السيارة، هذه الطيارة، هكذا قال رب العالمين عز وجل (وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿59﴾ الأنعام) لو تقرأ (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ﴿36﴾ التوبة) (وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿61﴾ يونس) كل شيء في هذا الدليل (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿6﴾ هود) إلخ (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴿52﴾ طه) (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿75﴾ النمل) (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴿11﴾ فاطر) (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴿4﴾ ق) (إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ ﴿77﴾ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴿78﴾ الواقعة) (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴿22﴾ الحديد). إذًا هناك نوعين من الكتب هناك لكل شيءٍ كتاب (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴿103﴾ النساء) كل ما في هذا الدين أجزاء متكاملة في كتاب (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴿145﴾ آل عمران) كتاب الموت، هذه الكتب جميعًا وهي بالمئات بل بالآلاف التي تحوي أمر الله وقدرته وعلمه المتعلق بذلك الشيء بالكامل هذه كلها مجموعة في كتاب واحد سماه الإسلام اللوح المحفوظ. هذا اللوح المحفوظ كتاب الكتب، كل الكتب فيه. كل واحد من الناس قد يعرف كتابًا من الكتب وهذا في كل البشرية سواء كان يهودًا أو نصارى أو مسلمين كل من له نبيٌ ورسولٌ من السماء وله كتاب من الكتب المقدسة تجد فيهم واحد اثنين ثلاثة يسمونهم الأحبار، يسمونهم الرهبان، يسمونهم العلماء، يسمونهم العارفون بالله أنواع من التسميات إن هذا الإنسان له إلمام بالله عز وجل من حيث قدرته ومخلوقاته عندما يتأمل ويتفكر أصبح رجلًا يستطيع أن يشرح لك ما في كتاب هذا الكون والكون فيه كتاب كامل، دليل كامل. إذا كان دليل السيارة جزئي فاللوح المحفوظ هو الكتاب الكامل الذي فيه هذا الكون. من هو الذي يعرف بعض الكتاب والكتاب؟ آراء المفسرين كثيرة ناس قالوا هو سليمان نفسه وناس قالوا أحد وزرائه وناس قالوا لقمان …إلخ أشكال. وحينئذٍ كل هذا الكلام صحيح لأن كل واحد من هؤلاء الناس له علم من الكتاب سواء كانوا أنبياء أو رسل أو علماء صالحين أو ناس من أهل الله أو عارفون كل واحد له معرفة بالله اسمه العارف بالله، لكن الذي يعلم الكتاب كله واحد بعد الله عز وجل، بعد الله عز وجل واحد يعلم الكتاب طبعًا العلم هذا كلام أيضًا اجتهاد أنا لا أدعي أني وصلت إلى النهاية وما في غير هذا لا أنا أدلي بدلوي مع الذين أدلوا والذي اكتشفته أن كل الأسماء التي ذكروها حوالي عشرين أو ثلاثين اسما على أساس هؤلاء عندهم علم الكتاب كلهم صح لأن هؤلاء كثيرون والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “إن من أمتي أناس محدثين فإن يكن فعُمَر” عمر محدَّث. كل واحد يمكن أن يكون عنده علم من الكتاب إما عن طريق صلاح رب العالمين يقذف في قلبه علمًا (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴿65﴾ الكهف) (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴿113﴾ النساء) هذا عام، أشكال وألوان في المسيحية في ناس، في اليهودية في ناس، في الإسلام في ناس، على مر العصور يعني إذا كان هذا الكتاب يعني الغيب والمستقبل وتفصيلات ما فينا واحد في يوم من الأيام إلا وقد رأى رؤيا في المنام تنبؤه عما سوف يحدث في المستقبل علم الغيب هذه قضية مسلَّم فيها كرؤيا العزيز، كرؤيا ملك مصر ورؤيا إبراهيم ورؤيا يوسف وهكذا حينئذٍ لما رأى أحد عشر كوكبًا وفعلًا تطبقت بالضبط ما فينا واحد إلا رأى رؤيا ثم جاءت بعد أسبوع أسبوعين مثل فلق الصبح تخبره بما سوف يحدث له. إذا كان هذا يحدث في المنام فلا أن يحدث في اليقظة أفضل وأهمّ ولهذا رب العالمين ممكن أن يضع علمه في أي عبدٍ من عباده لكن جزئي. الذي عنده علم الكتاب كاملًا طبعًا منهم من قال: محمد صلى الله عليه وسلم وطبعًا المصطفى على رأسي (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ). حينئذٍ نقول: كثير من المفسرين قال فلان وفلان حقيقًة تقريبًا كان كلهم يميلون إلى أنه “آصل البرقيه” أحد علماء سيدنا سليمان عليه السلام في زمانه وكأن الله سبحانه وتعالى علمه علم الكتاب فحينئذٍ هذا هو الذي في الحقيقة هو صح هذا الرجل يعلم علمًا من الكتاب. وأبو بكر الصديق وعمر يعلمان علمًا من الكتاب وكثير. مثلًا شخص دخل على سيدنا عثمان قال له: إني أرى في وجهك الزنا فذاك ذهل فقال له: أوحيٍ بعد رسول الله؟! هذا علم من الكتاب هذا علم الكتاب لا يتعلم هذا العلم لا يُتعلَّم وإلا العلم العام يتعلم العلم بالتعلم لكن هذا لا هذا يوهب من الله عز وجل بأنك ترى ما لا يرى غيرك هذا علمٌ من الكتاب أي شيءٌ من العلوم ليس كل الكتاب. وسيدنا الخضر أيضاً علمٌ من الكتاب لو كان الخضر يعلم كل علم الكتاب لكان النبي أولى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أخبر بما هو كائن وما يكون إلى يوم القيامة، كل ما يجري في هذا اليوم أحاديث صحيحة تخبر عنه (لا تقوم الساعة حتى يكون الروم أشد الناس عليكم) أي الغربيون، (لا تقوم الساعة حتى لا يدخل إلى العراق قفيزٌ ولا مدٌ..) يعني حصار كامل ويذهب وراح على سوريا وراح على فارس وأنت ترى الآن كل هذا. إذًا النبي صلى الله عليه وسلم عنده علم من الكتاب واسع الذي عنده علم الكتاب كامل – حسب رأيي كما قلت لكم – الله سبحانه وتعالى هذا مفروغ منه لكن من المخلوقين جبريل فقط لماذا؟ أنا كان يسرني أن أقول النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أنت لو تقرأ السنة كثيرًا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفسر من جبريل عن بعض الظواهر ما هذا يا أخي جبريل؟ يقول له: كذا كذا، يعلمه والله أعلم طبعًا هذا مجرد اجتهاد ولا ألزم به أحدلكن لما تعرف أن جبريل ما سأل النبي عن شيء وجبريل كان أمينًا كما قال تعالى في كتابه العزيز امتدحه مدحًا كاملًا أنه أمين وإلخ ومن أجل هذا الوحيد بعد الله عز وجل الذي يعلم علم الكتاب كاملًا لأنه موكل به. يقول بعض المفسرين: إن لله ملكًا آخر اختصه الله، خلقه الله عز وجل للوح المحفوظ لكن ما قال اسمه ولا ما هو، على كل حال إذا صح فهذا عظيم أيضًا إذا كان خلق من أجل هذا والمفروض أن كتاب كهذا يحوي سفر الكون كله جدير بأن الله يخلق له ملكًا. لكن جبريل عليه السلام من وقائعه مع كل الأنبياء، مع سيدنا آدم والذين من بعده ومع سيدنا موسى وسيدنا عيسى ومع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتصرفاته كان ينهاهم ويصلحهم (أتدري يا محمد من فعل كذا من هؤلاء؟) إذًا يبدو أن هذا المخلوق العظيم إنما هو يعرف بعض الكتاب بعد الله عز وجل.
سؤال:هل العلم يختاره الله لأشخاص معينين أم لجميع البشر؟ الإجابة: قطعًا لا يمكن أن يكون هذا العلم إلا باختيار الله لأن هذا العلم غير مكتسب لو كان مكتسبًا لحاولنا كلنا ولكنه علمٌ موهوب.
سؤال:أنا أنبه على آية لعلها تربطنا بما تتفضل به وهي قوله تعالى:(وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿15﴾ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴿16﴾ النمل)، الإجابة: بارك الله فيك أنت الآن حسمت الموقف هل أن منطق الطير يُتعلَّم أو يوهب؟ قطعًا يوهب إذًا هذا علمٌ وهبه الله عز وجل لهذين النبيين العظيمين، وعلى هذا قس على هذا في التاريخ ما لا حصر له.
آية (42):
*بالنسبة لسيدنا سليمان عليه السلام في القرآن في سورة النمل قال :(قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَأَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) النمل) هل بلقيس جاءت لسليمان فكيف عرفت أن عرشها عندسليمان؟ وكيف جاءت؟(د.فاضلالسامرائي)
هي قالت كأنه هو لما سألها عن عرشها ولم تقل أنه عرشها. هي كانت في مملكتها في اليمن، هي لم تعرف أن عرشها عند سليمان.
آية (56):
*في أماكن قال تعالى:( آل لوط) وفي أماكن قال (قوم لوط) وفي أماكن قال (إخوان لوط )، لماذا قيلت كل واحدة في مكانها؟ هل كان يمكن أنيقول قوم لوط في جميع المواطن؟ لِم هذا التنويع؟(د.حسامالنعيمي)
التنويع ليس مع لفظة لوط فقط وإنما مع أنبياء آخرين مثل مع هود عندنا قوم هود وأخاهم هود وأخوهم هود، قوم صالح وأخاهم صالح وأخوهم صالح بحسب مواضعها.
الفرق اللغوي بين قوم وأصحاب والآل وإخوان:
قوم الرجل هم أهله بالصورة الواسعة يقال فلان من قوم كذا، وقد يكون القوم أوسع من القبيلة، العرب قوم. وقد يُطلق على القبيلة أنها قوم فلان.
الآل هم الأهل المقربون الذين هم أقرب الناس ومن معانيه الزوجة ومن معانيه الأتباع، أتباع الرجل آله، أتباعه الذين تبعوه كُثُر لكن قومه أكثر من الآل، قوم أوسع.(أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ(56)النمل).
الإخوان أقرب من الآل لأن الآل قد يكون فيها الأتباع (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) غافر) أي أتباعه.
الأهل: هم المقربون بل إن القرآن استعمل الأهل في الزوجة على أنه يمكن أن تطلق على الذرية أوالأقارب بحسب الحديث المشهور حديث أم سلمة.
الكلمات فيها فوارق ولكن بحسب السياق فلو جئنا لكل آية استعمل فيها قوم هنا واستعملت كلمة آل هنا، بالنسبة لآل لوط لم تستعمل إلا في الثناء عليهم فقط، لما يثني عليهم ولما يذكرهم بخير يستعمل كلمة آل ولا يستعمل كلمة قوم.
آية (57):
* ما اللمسة البيانية في الاختلاف بين قوله تعالى في سورة النمل: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57)) وفي قوله في سورة الحجر (إِلَّاامْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)) في قصة امرأة لوط؟
د.حسامالنعيمي:
في قوله تعالى في سورة الحجر الكلام كان على لسان الملائكة :(وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51)) ضيف إبراهيم الملائكة (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52)) الجو العام جو وجل وخوف من إبراهيم وتشكك هو ليس شاكًا في الله سبحانه وتعالى ولكن الجو الذي جاء فيه الملائكة كان في وجل ورهبة، قالوا: (قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53)) قال :(قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54)) إذن عنده نوع من التشكك. إذن مسألة وجل وتشكك. (قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55)) لا تيأس من رحمة الله (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56))(قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)) لاحظ التأكيدات هو يحتاج لمؤكدات لأنه وجل وشاك من الملائكة. (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)) تأكيد بإنّ وباللام. كلام الملائكة لاحظكلمة(قدرنا) هم لا يقدرون ولكن لأنهم وسيلة تنفيذ قدر الله سبحانه وتعالى رخصوا لأنفسهم أن يقولوا قدرنا ولكن ما قالوا قدرناها لم يربطوا الضمير بالتقدير، بأنفسهم لذلك أبعدوها مع وجود إنّ المؤكدة. فإذن كلام الملائكة يحتاج إلى تأكيد وابتعد ضمير المفعول به في الأصل. الأصل هي قدرنا لكن أدخلوا إنّ فأبعدوها عن التقدير.
الآية الثانية هي من كلام الله سبحانه وتعالى المباشر في سورة النمل :(فما كان جواب قومه فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُقَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) النمل) (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ) خبر، (إِلَّا امْرَأَتَهُقَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ) ما قال: قدرنا إنها ، ما أبعدها وما احتاج إلى تأكيدات لأن الله سبحانه وتعالى يخبرنا بأمر: بأن قوم لوط أجابوا بهذه الإجابة فالله سبحانه وتعالى أنجاه وأهله إلا امرأته قدرها رب العزة من الغابرين. وانظر كيف ربط الضمير بالفعل مباشرة ما أبعده (قدرناها) لأن هذا قدره سبحانه وتعالى فما احتاج إلى إبعاده. الغابرين قالوا بمعنى الباقين الهالكين الذين بقوا في الهلاك. نهاية الآية تفسر لنا كلمة كانت. لما قال:(وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) )انتهى الكلام على ذكر الأمم، كان آخر شيء في ذكر الأمم يعني لم تكن هناك حكاية ورواية لأمور وإنما رواية لهذه المسألة. النهاية كانت (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)) لم يذكر أمة أخرى وراءها. هو لا يتحدث حديثاً تاريخيًا متواصلًا وإنما انقطع الكلام هنا.
لما ننظر في الآية الثالثة أيضًا (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) الأعراف). الله سبحانه وتعالى يحكي لنا ما حدث (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83)) هناك قدرناها من الغابرين وانتهى الكلام على الأمم. لكن هنا الكلام كأنه كلام تاريخي والكلام التاريخي يصلح معه (كان) لأن ذكر أشياء رواية فقال: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84) ) استعمل (كان) ثم قال: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا) الآيات مستمرة في الحديث عن جانب تاريخي وعندما يكون الكلام عن جانب تاريخي يستعمل (كان) لما يكون حديث تاريخي وإنما قدر الله عز وجل يستعمل كلمة قدرنا والله سبحانه وتعالى أعلم.
آية (57):
* ما اللمسة البيانية في الاختلاف بين قوله تعالى في سورة النمل: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57)) وفي قوله في سورة الحجر (إِلَّاامْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)) في قصة امرأة لوط؟
د.فاضلالسامرائي:
لو لاحظنا الآيتين في سورة النحل وفي سورة الحجر كأن السائل يسأل عن الاختلاف في التوكيد في آية سورة الحجر. ولو نظرنا إلى آية سورة الحجر (إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)) لوجدنا فيها ستة مؤكدات هي: (إنّا، اللام في لمنجوهم، منجوهم (اسم)، أجمعين، إنّ في إنها واللام في لمن الغابرين) ثم إننا إذا نظرنا في السورة كلها أي سورة الحجر لوجدنا فيها 20 مؤكد في قصة لوط بينما في سورة النمل ففيها ثلاثة مؤكدات فقط في القصة كلها (أئنكم، لتأتون، وإنهم أناس يتطهرون). هذا الجو العام في السورتين والوضع الوصفي فالآية في سورة الحجر أنسب مع المؤكدات في القصة من آية سورة النمل. وقد يسأل السائل لماذا نلاحظ أنه تعالى وصف قوم لوط في سورة الحجر بالإجرام؟ (قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58)) أما في النمل فوصفهم بالجهل (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)) والمجرمون أشد من الجاهلين فالوصف أشدّ وهذا الوصف الأشدّ يقتضي عقوبة أشدّ ولو نظرنا إلى العقوبة في كلتا السورتين لوجدنا أن العقوبة في سورة الحجر أشدّ (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74)) وفي سورة النمل (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58))والمطر قد يكون ماء أما الحجارة في سورة الحجر فهي بالطبع أشدّ. إذن العقوبة أشدّ والوصف أشدّ ثم إن القصة في سورة الحجر (19 آية من الآية 58 إلى 76) أطول منها في سورة النمل (5 آيات فقط) فإذا نظرنا إلى القصة من جهة التوسع والإيجاز فآية سورة الحجر أنسب ومن حيث التوكيد والعقوبة والطول أنسب ولا يناسب وضع الآية مكان الأخرى. القرآن الكريم يراعي التعبير في كل مكان بصورة دقيقة ويراعي التصوير الفني للقصة.
آية (59):
* ما الفرق بين سلام نكرة والسلام معرفة ؟(د.فاضل السامرائي)
السلام معرفة والمعرفة هو ما دلّ على أمر معين، وسلام لك والأصل في النكرة العموم إذن كلمة سلام عامة وكلمة السلام أمر معين. لما نقول رجل يعني أيّ رجل ولما نقول الرجل أقصد رجلًا معينًا أو تعريف الجنس. الأصل في النكرة العموم والشمول. إذن (سلام) أعم لأنها نكرة وربنا سبحانه وتعالى لم يحييّ إلا بالتنكير في القرآن كله مثل (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى (59) النمل) (سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) الصافات) (سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) الصافات) (سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) الصافات) حتى في الجنة (سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58) يس)حتى الملائكة (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر) ربنا تعالى لم يحيّ هو إلا بالتنكير لأنه أعم وأشمل كل السلام لا يترك منه شيئًا. (سلام عليه) هذه تحية ربنا على يحيى والآية الأخرى عيسى (عليه السلام) سلم على نفسه وليس من عند الله سبحانه وتعالى، سلام نكرة من قبل الله تعالى والسلام من عيسى (عليه السلام) وليس من الله تعالى والتعريف هنا (السلام) أفاد التخصيص. ويقوون تعريض بالذين يدعون أن مريم كذا وكذا فقال :(والسلام علي) رد على متهمي مريم عليها السلام.
آية (60-64):
* (60) – (64) النمل) ما هي اللمسات البيانية في خواتيم الآيات؟ (د.فاضلالسامرائي)
نقرأ الآيات، الآية الستون(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)) هذه الأسئلة التي أثاروها هم يعلمونها لأنه قال:(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) وربنا قال في آية أخرى :(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (25) لقمان)، ثم قال :(وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) وقال في آية أخرى :(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (63) العنكبوت)، إذن هم يعلمون الجواب لكنهم ينحرفون عن الحق يعني هم قوم يعدلون مع معرفتهم بهذا الأمر، يعدلون يعني ينحرفون عن الطريق وليست من العدل هم ينحرفون مع معرفتهم بهذا الأمر. هم أجابوا عن السؤال يجيبون عنه أنه الله إذن أإله مع الله؟ّ! إذن (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) رغم معرفتهم هم عدلوا عن الحق.
(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61)) أي لا يعلمون شيئًا من الأشياء معتدًا به، يعلمون لكن هذا العلم لا يجعلهم يبطلون الشرك فما قيمة هذا العلم؟ إذن لا يعلمون شيئًا يُعتدّ به أو قد لا يعرفون هذه الأشياء الدقيقة إنه جعل بين البحرين حاجزًا.
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)) قليلًا ما تذكرون يعني مع أنهم يدعون الله وينسون ما يشركون لأن ربنا يذكر أن هؤلاء إذا مسهم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه، قليلًا ما تذكرون أي نسيتم هذا الأمر نسيتم أن الله هو الذي نجاكم (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ (23) يونس) إذن نسوا، قليلًا ما تذكرون ما كنتم عليه من حال السوء، نجاكم الله وأيضاً نسيتم. أحيانًا يعاهدون الله (لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ثم ينسون. بداية الآيات (أمّن) يقيم الحجة عليهم. معنى (أمن) يعني من يجيب؟ هذه أم المنقطعة وأصلها أم من، (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) هذا سؤال، و(أم) يعن (بل) هذا سؤال آخر، تأتي بأسئلة متوالية بل من يفعل ذلك؟، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ (16) الرعد) قل هل يستوي الأعمى والبصير؟ بل هل تستوي الظلمات والنور؟ هذا سؤال آخر. (بل) إضراب انتقالي. (أمن يجيب المضطر) هذا سؤال معناه من يجيب المضطر؟
(أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) النمل) هذا سؤال (من يرسل الرياح) هذا سؤال أيضًا(تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ). في الآيات الأولى ذكر صفاتهم هم قال عنهم :(بل هم قوم يعدلون، أكثرهم لا يعلمون، قليلاً ما تذكرون) والآن قال:(تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) إذن ذكر صفات المخلوقين هؤلاء ثم ذكر صفاته تعالى ونزهها فقال :(تعالى الله عما يشركون). في بداية الآيات ذكر بعض ما يقوم به لعباده ثم يصدر حكمًا في صفاتهم هم (بل هم قوم يعدلون، أكثرهم لا يعلمون، قليلًا ما تذكرون) ذكر صفاتهم هم ثم (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) نزّه نفسه بعد أن ذكرهم وكيف يغيبون عن الحق.
ثم قال:(أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)) مع كل هذه الأشياء والحجج التي ألزمتكم فيها أإله مع الله؟ يقولون نعم، فيقول (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)إإتوا بالدليل بعد أن ألزمتكم الحجة، أنا ذكرت البرهان فاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. كل الأسئلة في الآيات السابقة تدل على عجزهم إذن أقام الحجة عليهم. ثم قال :(أإله مع الله) قالوا: نعم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) ص) فقال: إذن هاتوا برهانكم، نحن ذكرنا الأدلة وألزمناكم الحجة لما تقولون به فاتوا ببرهانكم. تغيرت الخاتمة، ذكر الأحكام فيهم وصفاتهم أولاً بأول ثم نزّه نفسه عما يفعل ثم ذكر أإله مع الله؟ قالوا: نعم، قل هاتوا برهانكم على ما تقولون، ما برهانكم على ما تقولون به؟. الله تعالى أثبت صنيعته لعباده وأثبت رد فعلهم (بل هم قوم يعدلون، أكثرهم لا يعلمون، قليلاً ما تذكرون) ثم نزه نفسه عنهم وطالبهم بالإتيان بالحجة.
آية (61):
* ما الفرق بين(وألقينا فيها رواسي)و(وجعلنا في الأرض رواسي) ألم تكن الجبال مخلوقة من قبل؟ (د.فاضلالسامرائي)
قال تعالى في سورة الحجر:(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)) وفي سورة ق (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)) وفي سورة النحل (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15)) وسورة لقمان (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)). هذا سؤال يجب أن يُوجّه إلى المعنيين بالإعجاز العلمي. لكن أقول والله أعلم أن الملاحظ أنه تعالى يقول أحيانًا ألقينا وأحيانًا يقول جعلنا في الكلام عن الجبال بمعنى أن التكوين ليس واحدًا وقد درسنا أن بعض الجبال تُلقى إلقاء بالبراكين (جبال بركانية) والزلازل أو قد تأتي بها الأجرام السماوية على شكل كُتل. وهناك شكل آخر من التكوين كما قال تعالى في سورة النمل:(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61)) وسورة الأنبياء: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)) وسورة المرسلات (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27)) وسورة الرعد: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3))، وهذا يدل والله أعلم على أن هناك أكثر من وسيلة لتكوين الجبال. وكينونة الجبال تختلف عن كينونة الأرض فالجبال ليست نوعًا واحدًا ولا تتكون بطريقة واحدة هذا والله أعلم.
آية (63):
*ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟ (د.فاضل السامرائي)
كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران: (مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {117}).
أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة النمل:(أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {63}).
وفي سورة سبأ (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12}) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لأن الله سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.
آية (68):
*ما سبب تقديم وتأخير هذا في سورة المؤمنون؟ (لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)) وسورة النمل (لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُوَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68))(د.حسامالنعيمى)
نحن عندنا نظام الجملة العربية. عندنا صورتان للجملة العربية: صورة المبتدأ والخبر والفعل ومرفوعه وما بعده. فيما يتعلق بالفعل ومرفوعه يأتي الفعل ثم الفاعل أو الفعل ثم نائب الفاعل ثم يأتي المفعول أو المفعولات يعني هكذا يأتي النظام. لما يكون مبتدأ وخبر أيضًا المبتدأ والخبر ثم لما تدخل إحدى النواسخ (كان وأخواتها) أيضًا النظام إنّ (كان) تأخذ اسمها أولًا لأن أصله مبتدأ ثم تأخذ الخبر ثم يأتي بعد ذلك ما يأتي من المعطوفاتأو المفعولات هكذا هو النظام. نقول: كان زيدٌ ناجحاً وعمرو، نذكره بعد ذلك هذا الأصل. يمكن أحياناً أن نغيّر النظام لأن العربية لغة مُعربة فيجوز فيها تغيير النظام فبدل أن نقول كتب زيد رسالة على النظام يمكن أن نقول كتب رسالةً زيدٌ وهذا التقديم طبعاً له غرض بلاغي يعني كأن يُختلف زيد كتب رسالة كتبقصيدة كتبأقصوصة نقول لا زيد رسالةً كتب. لما يُقدّم ليس من أجل الوزن حتى الشاعر لأن الشاعر متمكّن يستطيع أن يتصرف لكنه يقدّم بغرض بلاغي لغرض معنوي.
لما ننظر في الآيتين، نحن دائمًا نقول: يُنظر في النص لِمَ قدّم هنا هذا ولماذا أخّر هنا هذا؟ الآية الأولى في سورة المؤمنون (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (كُنّا) كان مع اسمها مثل كان زيد، (تراباً وعظاماً) مثل (كان زيد مجتهدًا وكريمًا) معطوف على الخبر مباشرة يعني نظام الجملة يأتي كما هو. لكي يكون النظام كما هو نجد أن النظام الذي جاء (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا) المفعول به جاء متأخرًا وفق النظام وعندما يكون وفق النظام لا يُسأل عنه. أنت لا تسأل عن (كتب زيد رسالة) لا تسأل لِمَ أخّر رسالة؟ هو هذا النظام هكذا. لكن السؤال في آية سورة النمل لِمَ غيّر النظام (لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا) . لاحظ الآية (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) النمل) النظام في غير القرآن أن يقول: أإذا كنا نحن وآباؤنا ترابًا، فلما قدّم ترابًاالمعطوف على المرفوع ولكي يكون المعطوف عليه ضميرًا ينبغي أن يؤكد بضمير هذا الأفصح (كنت أنا وزيد مسافرين) حتى يكون الربط. فها هنا لأن المعطوف والمعطوف عليه ينبغي أن يتصلا لا أن يكون بينهما فاصل. هنا غيّر النظام فقال:(أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا) قدّم المنصوب وجعله فاصلًا بين المعطوف والمعطوف عليه فقدّمه. فمنا قدّم المنصوب قدّم (هذا) (لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا ) حتى يكون هناك نوع من التناسق. هنا تقدّم كأنه غيّر النظام وهنا أيضًا قدّم والله أعلم.
آية (70):
*ما اللمسة البيانية في حذف نون (تكن) في قوله تعالى: (ولا تك في ضيق مما يمكرون)في سورة النحل وعدم حذفها في سورة النمل؟ (د.فاضلالسامرائي)
الحكم النحوي: جواز الحذف إذا كان الفعل مجزومًا بالسكون ولم يليه ساكن أو ضمير متصل. متى ما كان الفعل (كان) مجزومًا ويليه حرف متحرك ليس ساكنًا على أن لا يكون ضميرًا متصلًا يجوز فيه الحذف (يمكن القول لم يكن ولم يك) فتحذف النون تخفيفًا.
إما إذا كان ما بعده ساكنًا فلا يجوز الحذف (لم يكن الرجل) لا يمكن القول لم يك الرجل.
ولا يجوز الحذف أيضًا لو كان ضمير متصل (لم يكن هو) لا يجوز قول لم يك هو.
إذن من حيث الحكم النحوي يجوز حذف النون أما السبب البياني: على العموم سواء في (يكن) أو في غيرها من الحذوف (تفرّق وتتفرق) (اسطاعوا واستطاعوا) (تنزّل وتتنزّل) في القرآن الكريم يوجد حذوف كثيرة يجمعها أمرين : هل هي في مقام إيجاز وتفصيل؟ أو هل الفعل مكتمل أو غير مكتمل؟. عندما يأتي بالصيغة كاملة يكون الحذف أتمّ. إذا كان الشيء مكتملًا لا يُقتطع منه وإذا كان غير مكتمل يُقتطع منه.
والآن نستعرض مثالين وردا في القرآن الكريم الأول في سورة النحل (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {126} وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {127}) والثاني في سورة النمل (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ {69} وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {70})
آية سورة النحل نزلت على الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعدما مثّل المشركون بحمزة عمّ الرسول في غزوة أُحُد فحزن الرسول (صلى الله عليه وسلم) عليه حزنًا شديدًا وقال: لأمثّلن بسبعين رجلًا من المشركين فنزلت الآية تطلب من الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يعاقب بمثل ما عوقب به وأراد أن يُذهب الحزن من قلبه ولا يبقى فيه من الحزن شيء، وقوله تعالى: (ولا تك في ضيق) بمعنى احذف الضيق من نفسك ولا تبقي شيئًا منه أبدا أي أن المطلوب ليس فقط عدم الحزن لكن مسح ونفي أي شيء من الحزن يمكن أن يكون في قلب الرسول (صلى الله عليه وسلم) فحذفت النون من الفعل. أما في آية سورة النمل فالآيات في دعوة الناس للسير في الأرض والتفكّر والمقام ليس مقام تصبير هنا فجاء الفعل مكتملًا(ولا تكن في ضيق).
ومن الأمثلة الأخرى على حذف أو عدم حذف النون في فعل (تكن) قولهتعالى في سورة القيامة: (أَلَمْيَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى {37}) حذفت النون هنا لأن النطفة هي من الذكر وهي غير مكتملة بعد وغير مخصّبة وهي لا تكتمل إلا بعد لقاح البويضة إذن حال النطفة الآن غير مكتمل فحذف ما يدل على أن الفعل أصلًا ليس مكتملًا فلزم الاقتطاع أنها غير كاملة والحدث غير كامل.
وكذلك قوله تعالى: (وإن تك حسنة يضاعفها) وقوله في سورة مريم: (ولم أك بغيّا) حذف النون لأنه ليس في مريم أدنى شيء من البغي وليس هناك جزء من الحدث مطلقًا أصلًا. أما في قوله تعالى: (ولم أكن بدعائك رب شقيا) هذا سياق عام يحكمه المقام. وفي قوله تعالى: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) وقوله: (ألم تكن آياتي تتلى عليكم) لم تحذف النون من الفعل هنا لأن الآيات مكتملة والأرض مكتملة فجاء بالفعل تامًّا لأن المعنى تامّ ولا يحتاج إلى حذف. وفي قوله تعالى في سورة لقمان :(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ {16}) الأولى حذفت منها النون لأنه لم يذكر مكان الحبة أما الثانية فذكر فيها النون لأنه ذكر المكان وحدده إما الصخرة أو السموات أو الأرض وهي كلها مكتملة.
آية (72):
*(قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72) النمل) وقوله (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)الأنبياء) وقوله تعالى (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) مريم) هل هناك لمسة بيانية بين الردف والورود؟ (د.فاضلالسامرائي)
ردف معناه لحق ووصل يعني عسى أن يكون لحق بكم هذا الشيء، (ردِف) فعل ماضي. هناك رِدف ورديف الرديف هو خلف الراكب “كنت ردف النبي” الرديف هو الذي يكون خلف الراكب.
سؤال: هل كانت العرب غير المؤمنة تفهم هذا عندما تسمع القرآن؟
هذا كلامهم هم إذا تكلموا، العرب فهموا هذا لكنه آمن منهم من آمن وجحد بها من استيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) النمل) (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام) كانوا يعلمون وإذا شاعر فاخرهم يفاخرونه ويذهبون لمن يحكم بينهم، مفاخرات موجودة لكن لماذا سكتوا عند القرآن. السمة العامة عند العرب آنذاك أنهم كلهم فصحاء كلٌ يتكلم بقبيلته إلا الذين اختلطوا بالتجارة والأجانب مثلنا الآن بدأت كلماتنا تختلط لأن اختلاطنا بخلقٍ كثير وألسنة متعددة فحتى نفهمهم ويفهمونا لا بد أن نغيّر من كلماتنا.
آية (76):
*كلمة يختلفون وتختلفون وردت في القرآن في مواضع كثيرة (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة) (إِنَّ هَذَاالْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) النمل) (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمفَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة) ما كُنه الاختلاف؟ (د.فاضلالسامرائي)
الآية توضح (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة) أنبئه بالأمر فقال: (بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) والثانية في القضاء والفصل فصل في القضية (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة) هذا حكم، قال: (فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي في الذي كانوا فيه يختلفون. إما يقول قضي بينهم أو يحكم بينهم ولما يقول يحكم بينهم وقضي بينهم يستعمل فيه. أما كانوا وكنتم فالأكثر لما يقول (كانوا) الكلام عن يوم القيامة والاختلاف كان في الدنيا (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة) الاختلاف في الدنيا (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) الجاثية). (وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس) هذه الآن وليس في يوم القيامة (فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) لأنها تقصد الدنيا.
سؤال: هل (كان) هنا فعل ناقص؟ نعم فعل ناقص وأحيانًا يأتي تام وله استخدامات كثيرة.
آية (81):
*لماذا وردت كلمة يهتدي بالياء في سورة النمل وبدون ياء في سورة الروم؟ (د.فاضلالسامرائي)
قال تعالى في سورة النمل:(وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ {81}) بذكر الياء وقال في سورة الروم: (وَمَا أَنتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ {53}) بحذف الياء، أولًا نقول أن خط المصحف لا يُقاس عليه لكن مع هذا فهناك أمور أُخرى هنا فلو لاحظنا لفظ الهداية في سورة النمل لوجدنا أنها تكررت 9 مرات بينما وردت في سورة الروم مرتين فقط فلما زاد ذكر كلمة الهداية في سورة النمل زاد في مبنى الكلمة للدلالة على زيادة السمة التعبيرية والتكرار، وهناك أمر آخر أنه في سورة النمل ذكر قسماً من المهتدين (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {77}) ثم حثّ تعالى الرسول (صلى الله عليه وسلم) على المضي في سبيله (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ {79}) أما في سورة الروم فالسياق ليس في الهداية أصلاً ولم يذكر قسم من المهتدين بل الكلام عن المطر والأرض والرياح وغيرها، فعندما ذكر قسمًا من المهتدين زاد الياء وعندما لم يكن هناك شيء في السياق يدل على الهداية حذف الياء. ونظير هذا قوله تعالى في سورة الأعراف: (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {178}) بالياء وقوله في سورة الإسراء: (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً {97}) وفي سورة الكهف (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً {17}) بدون ذكر الياء ولو لاحظنا آيات السور لوجدنا أن لفظ الهداية تكرر في سورة الأعراف 17 مرة وفي سورة الإسراء 8 مرات وفي سورة الكهف 6 مرات.
آية (88):
*القرآن الكريم يستخدم يصنعون ويفعلون ويعملون فما اللمسة البيانية في هذه الأفعال؟ (د.فاضلالسامرائي)
الفعل عام يقع من الإنسان والحيوان والجماد وهو أعم شيء فعل الماء، فعل الرياح، وهو بقصد أو بغير قصد. العمل أخص من الفعل ويكون بقصد ولذلك قلّما يُنسب إلى الحيوان. العرب لم تقله في الحيوان إلا في البقر العوامل التي تحرث قصد الحرث، إذن العمل أخص من الفعل وينسب للإنسان وقلما ينسب إلى الحيوان. الصنع إجادة الفعل وهو أخص من العمل لا ينسب إلى حيوان ولا ينسب إلى جماد وليس كل عمل صنع حتى تحسن العمل (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) إذن هو أخص من العمل. عندما يستخدم القرآن (بما يصنعون) أي يحاولون ويدبّرون ويتقنون ماذا يفعلون، يأخذون الحيطة ماذا نفعل لو قال كذا ماذا نصنع؟ هذا الصنع مدبّر إذن الصنع إجادة العمل. إذن كل فعل بحسب الآية التي ورد فيها في القرآن الكريم لكن بشكل عام الفعل أعم ويقع بقصد أو بغير قصد والعمل أخص من العمل ويكون بقصد ويُنسب للإنسان والصنع إجادة العمل. اللغة العربية دقيقة إلى هذا الحد وهناك خلاف بين اللغويين أن هناك ترادف في القرآن أو لا، قسم يقول في القرآن ترادف وقسم يقول هي لغات، الترادف مثل المدية والسكين كلمتان تدلان على دلالة واحدة ويقولون أسماء السيف ليس مترادفة وإنما هي صفات اسمه السيف والباقي صفات مثل الحسام، وكذلك أسماء الأسد كلها صفات والاسم هو الأسد والصفات تكون في وجهه ومشيته، غضنفر صفة وليس كل أسد غضنفر، القسورة من القسر يقسر الفريسة يأخذها قسرًا بقوة وشدة وعنف. في التفسير قد تفسر كلمة بكلمة بما هو أوضح للسائل ولا يجوز بيانيًا أن تحل كلمة مكان كلمة في القرآن أما في الكلام العادي العام فيجوز وكل كلمة في القرآن لها مكانها المناسب الذي وضعت فيه ولا يجوز تبديلها حتى بكلمة تقاربها في الدلالة. توفاهم وتتوفاهم مع أنهما نفس اللفظة وكلاهما فعل مضارع لو أردنا أن نستبدل في كلام الناس نفعل لكن في القرآن لا يمكن لأن هناك سببا قال في مكان توفاهم وفي مكان آخر تتوفاهم.
*== ما الفرق بين بما يعملون خبير و خبير بما تعملون؟ (د.فاضل السامرائي)
مسألة خبير بما تعملون وبما تعملون خبير هنالك قانون في القرآن أن الكلام إذا كان على الإنسان أو على عمله يقدم عمله وإذا لم يكن الكلام على الإنسان أو كان الكلام على الله أو على الأمور القلبية يقدم الخبرة (خبير بما تعملون). (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (88) النمل) الكلام عن الله وليس على الإنسان قال في ختامها (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) هذه أمور قلبية (قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) هذا أمر يعرفه الله. بينما (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) هذا كله عمل فقال: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) إذن هذه القاعدة العامة ظاهرة.