سورة المجادلة
*ما اللمسة البيانية في تكرار لفظ الجلالة الله في كل آية من آيات سورة المجادلة؟(د.فاضل السامرائى)
في كل آية من آيات سورة المجادلة ورد فيها ذكر لفظ الله بلا استثناء وهناك سور أطول من المجادلة لم يرد فيها ذكر الله مثل سورة القلم، سورة القيامة، سورة المرسلات، سورة النبأ، سورة عبس وهي تتعلق بالسياق الموجود. في سورة المجادلة يذكر في كل آية ما يتعلق بالله إسناداً أو صفة أو شيء فيقتضي ذكرها وإذا لم يذكر هذا الشيء لا يحتاج كما في سور متعددة أطول من المجادلة لم يذكر فيها اسم الله. (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا (1)) (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)) ذكر ما يتعلق بالله تعلقاً أو إسناداً أو صفة يذكر لفظ الله وآيات المجادلة كلها تتعلق بالله إما إسناداً أو تعلقاً.
آية (1):
*ما الفرق بين الزوج (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا (1) المجادلة) والبعل (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (228) البقرة)؟ (د.فاضل السامرائى)
البعل هو الذكر من الزوجين ويقال زوج للأنثى والذكر. في الأصل في اللغة البعل من الاستعلاء في اللغة يعني السيد القائم المالك الرئيس هو البعل وهي عامة. بعلُ المرأة سيّدها وسُميّ كل مستعل على غيره بعلاً (أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) الصافات) لأنهم يعتبرونه سيدهم المستعلي عليهم. الأرض المستعلية التي هي أعلى من غيرها تسمى بعلاً, والبعولة هو العلو والاستعلاء ومنها أُخِذ البعل زوج المرأة لأنه سيدها ويصرف عليها والقائم عليها.
الزوج هو للمواكبة ولذلك تطلق على الرجل والمرأة هي زوجه وهو زوجها (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) البقرة) الزوج يأتي من المماثلة سواء كانت النساء وغير النساء (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) الصافات) أي أمثالهم نظراءهم، (وآخر من شكله أزواج) أي ما يماثله. البعل لا يقال للمرأة وإنما يقال لها زوج. (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ (31) النور) يُنظر به الشخص ولا ينظر به المماثلة ولذلك هم يقولون أنه لا يقال في القرآن زوجه إلا إذا كانت مماثلة له قال (اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ (11) التحريم) لم يقل زوج فرعون لأنها ليست مماثلة له، امرأة لوط وامرأة نوح لأنها مخالفة له، هو مسلم وهي كافرة. لم يقل زوج وإنما ذكر الجنس (امرأة). لو قال زوج يكون فيها مماثلة حتى في سيدنا إبراهيم (عليه السلام) لما المسألة تتعلق بالإنجاب قال (وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ (71) هود) هذا يراد به الجنس وليس المماثلة، الزوج للماثلة والمرأة للجنس الرجل كرجل والمرأة كامرأة.
(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (6) الأحزاب) فيهن مماثلة لأنهن على طريقه وهنّ جميعاً مؤمنات وأزواجه في الدنيا أزواجه في الآخرة.
آية (19):
*لماذا استخدم فعل استحوذ في قوله تعالى (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) المجادلة) ولماذا لم تطبق القاعدة فيقول استحاذ على القياس؟(د.حسام النعيمى)
القياس: استحاذ مثل استنار واستعان واستعاذ. نحن تناولناها عرضاً لما كنا نتكلم على التعليلات والتفسيرات الموجودة التي فسرها النحويون. قلنا قد تصح وقد لا تصح كما قال الخليل بن أحمد الفراهيدي: مثلي في هذه التعليلات والتفسيرات كمثل رجل دخل داراً مبنية فقال إن البنّاء وضع النافذة هنا للعِلّة الفلانية ووضع الباب هنا للعلة الفلانية فقد يصيب العِلّة وقد لا يصيبها. ثم ذكرنا في مسألة الصرف والإعلان بالنقل أو الإسكان لما قلنا لو أخذنا من الخوف على وزن أفعل يفعل كان ينبغي أن نقول أخوف يخوف إنما العربي قال: أخوف يُخيف. لماذا لم تطبق القاعدة؟ علماؤنا يقولون هناك مجموعة من الكلمات طبعاً غير الصيغ ما أفعله وأفعِل به هذه صيغة خاصة العرب أبقتها على حاله كأنه إشارة إلى الأصول منها كلمة استحوذ ومنها كلمة أغيَلت المرأة ما قالوا أغالت يعني حملت وهي ترضع فكأنها أغيلت طفلها، القاعدة أن تقول أغالت. وبعض المرضى عندما ينتفخ جسده يقولون استفيل الرجل أي أصابه داء الفيل ما قالوا استفال. أحد الشعراء وصف الجمل بوصف الناقة فقال: استنوق الجمل ما قال استناق. إذا تصرّفت المرأة بتصرفات الرجال، تزيت بزيهم الآن نقول استرجلت والعرب يقولون استتيست الشاة وما قالوا استتاست. هذه الكلمات قالوا حكمها لأن اللغة استعمال أن تستعمل كما وردت ولا يجوز أن تطوّع للقياس ولا يصح لأحد الأن يقول استناق الجمل لأن العرب قالت استنوق لكن لا يجوز أن تقيس عليها: لا يجوز أن تقول استقول فلان من وظيفته وأنت تريد طلب إقالته بل قُل استقال لا تقول هذه قياساً على استنوق. استنوقت لا تطوّع للقياس ولا يقاس عليها لم يسمع من عربي استناق ولم يسمع من عربي استحاذ وإنما نستعمل استنوق واستحوذ.