سورة البينة
س- ما الفرق بين (أوتوا الكتاب) و (آتيناهم الكتاب)؟
ج- (د.فاضل السامرائى): القرآن الكريم يستعمل (أوتوا الكتاب) في مقام الذم, ويستعمل (آتيناهم الكتاب) في مقام المدح. قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (101) البقرة) هذا ذم، قال تعالى:(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ (145) البقرة) هذا ذم،قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) آل عمران) (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) البينة) هذا ذم، قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) النساء) ذم. بينما آتيناهم الكتاب تأتي مع المدح (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (121) البقرة) مدح، قال تعالى:(أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ (89) الأنعام) مدح، (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ (36) الرعد) (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) القصص) مدح، قال تعالى:(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (47) العنكبوت) مدح.
هذا خط عام في القرآن على كثرة ما ورد من أوتوا الكتاب وآتيناهم الكتاب حيث قال (أوتوا الكتاب) فهي في مقام ذم وحيث قال (آتيناهم الكتاب) في مقام ثناء ومدح.
القرآن الكريم له خصوصية خاصة في استخدام المفردات وإن لم تجرِ في سنن العربية. (أوتوا) في العربية لا تأتي في مقام الذم وإنما هذا خاص بالقرآن الكريم. عموماً رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه كما في قوله تعالى: (آتيناهم الكتاب) لما كان فيه ثناء وخير نسب الإيتاء إلى نفسه، (أوتوا) فيها ذم فنسبه للمجهول كما في قوله تعالى:(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا (5) الجمعة) (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى)، أما قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32) فاطر) هذا مدح.
د.أحمد الكبيسى :الخلود نوعان إذا قال خالدين فيها يعني مدة طويلة لكن قد تنتهي وإذا قال أبداً يعني خلود نهائي.
نتكلم عن أهل الكتاب المنحرفين كل من حرّف دينه سواء كان مسلماً أو غيره المسلمون كم حرفوا؟! عندنا طوائف ليس لها علاقة بالإسلام لكنهم يقولون نحن مسلمين من كوائفهم ليس لها علاقة بالإسلام اسمه مسلم لكنه غير مسلم هكذا اليهود والنصارى يحرفون الكلم عن مواضعه ويحرفون الكلم من بعد مواضعه وسيأتي الكلام عنها لاحقاً.
استطراد:ابن القيم ألف كتاباً (الروح) في الفرق بين خالدين فيها وخالدين فيها أبداً.
الخلود المدة الطويلة جداً ولهذا قال سبحانه: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) هود).
س- لماذا اقترن لفظ (أبداً) في خلود الكافرين في النار وأحياناً لاترد؟
د.فاضل السامرائى : كلمة (أبداً) ترد أحياناً مع أهل النار, وأحياناً مع أخل الجنة, وأحياناً يذكر الخلود من دون (أبداً). والقاعدة هو أنه إذا كان المقام مقام تفصيل وبسط للموضوع يذكر (أبداً) أو إذا كان المقام مقام تهديد كثير, أو وعيد كثير, أو وعد كثير كما جاء في الوعد الكثير للمؤمنين في سورة البينة وتفصيل جزائهمكما في قوله تعالى:(جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ {8}) وكذلك في سورة الجنّ الآيات فيها تهديد ووعيد شديد للكافرين فجاءت (أبداً) (إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً {23}) وكذلك في سورة الأحزاب في مقام التفصيل والتوعّد الشديد ذكر أبداًفقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً {64} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً {65}). وإذا لم يكن كذلك أي كان مقام إيجاز لا يذكر (أبداً) مثل قوله تعالى في سورة البيّنة:(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ {6}) .