سورة الإخلاص
آية (1-2):
س- في قوله تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) الإخلاص) لماذا حُذِفت أل التعريف من أحد؟
ج- (د.فاضل السامرائى): نكّر (أحد) وعرّف (الصمد)، الله أحد هذا إخبار للمخاطبين كانوا يجهلونه وينكرونه بالنسبة لقريش لا يعتقدون بالتوحيد لأنهم مشركون فهذا إخبار لهم أما الله الصمد فكلهم يعلمون هذا الشيء، الصمد أي الكافي الذي يرجعون إليه إذا احتاجوه هو الذي يكفيهم ويسد حاجاتهم وأسئلتهم الذي يصمدون إليه عند الحاجة، هذا معنى الصمد في اللغة صمد إليه أي توجه إليه وطلب منه الحاجة المصمود إليه هو السيد المتوجَّه إليه.
س- ما هو إعراب قل هو الله أحد؟ هل (هو) في (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) هو ضمير فصل؟
ج- (د.فاضل السامرائى): أشهر إعراب لها أن (هو) ضمير الشأن مبتدأ أول، و(الله) لفظ الجلالة مبتدأ ثاني، و(أحد) خبر المبتدأ الثاني والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول. هناك إعرابات أخرى لكن هذا أشهر إعراب. ضمير الشأن للتعظيم والتفخيم لا يعود على مذكور معين إنما يعني الأمر أو الشأن أو الموضوع، الشأن ما هو؟ الله أحد. الجملة بعده تبين المقصود. لا نفهم منه دلالة محددة وإنما الجملة بعده تفسره
ما معنى كلمة الصمد؟
ج- (د.فاضل السامرائى): الصمد تشكيلتها الصرفية من صمد يصمد على وزن فَعَل بمعنى اسم المفعول مثل السَلَب بمعنى المسلوب هي من أوزان اسم المفعول أي المصمود إليه مثل الهَمَل أي المُهمل. صمد بمعنى المصمود هذا الوصف يوصف به الإنسان إضافة إلى أنه يوصف به الخالق مثل رؤوف ورحيم ربنا تعالى وصف بها الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأنه رؤوف رحيم. الصمد هو السيد المقصود إليه في الحوائج صمد إليه أي قصده، والصمد أيضاً الغني الذي ليس فوقه أحد، الذي لا عيب فيه، من الرجال الذي ليس فوقه أحد هذا من الناحية اللغوية عن الصمد. بمعنى المقصود في الحوائج (الله الصمد) هذا مرتبط بقوله لم يكن له كفواً أحد لو كان له نظير ما كان هو المقصود دون غيره، ومرتبط بالمعوذتين بعد السورة لأن الذي يخاف شيئاً ويحذر يصمد للذي يدفع عنه ويلتجيء إليه. لم يقل المقصود لأن الصمد له أكثر من معنى كما ذكرنا فإذن هو الصمد بكل هذه المعاني ولو قال المقصود لكان معنى واحداً من معاني الصمد فاستعمل كلمة تجمع أكثر من معنى ولم يقيد الصمد بشيء لم يقل المصمود إليه بشيء ولم يقيد الصمد ولم يذكر بأي شيء مقصود حتى يدل على الإطلاق ولو قيّده بشيء سيكون مصموداً إليه بذلك الشيء، ولم يقل المصمود إليه وقلنا أن الصمد بمعنى اسم المفعول لأن المصمود إليه تقال للذي صُمِد إليه ولو مرة واحدة أنت صمدت إلى فلان مرة واحدة تقول مصمود إليه لكن الصمد للإطلاق على وجه الثبوت وفيها تكرار وكثرة الصمود والثبات أما المصمود إليه تقال لمن صمد إليه ولو مرة واحدة فاختار الصمد للدلالة على الثبوت في المعاني الكثيرة.
آية (3-4):
س- في سورة الإخلاص لماذا قيل (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)) أدخل لم النافية التي تنفي الماضي ولم يقل لن لينفي المستقبل مثل لم يلد ولن يولد؟ لماذا استخدم لم فقط دون لن؟ اللام تنفي الماضي فكيف تدخل على المضارع؟
ج- (د.فاضل السامرائى): اللام تسمى في النحو حرف نفي وجزم وقلْب. النفي واضح والجزم تجزم الفعل المضارع وقلْب تقلب زمن الفعل المضارع إلى ماضي. لم يذهب معناه ما ذهب، لم ولمّا مع اختلاف ما بينهما لكن كلاهما حرف نفي وجزم وقلب. لما تدل على متوقع الحصول لم يحصل بعد (وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ (14) الحجرات) متوقع أن يدخل، لمّا للحالة القريبة أما لم فمطلقة. حرف جزم وقلب تقلب زمن المضارع إلى ماضي. ما فعل كما يقول سيبويه جواب لـ (لقد فعل)، إذا قلنا هو فعل نفيها لم يفعل، لقد فعل نفيها ما فعل (لقد فعل كأنه قسم) (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة)، قد فعل نفيها لمّا يفعل. إذن على هذا المنوال من الصعوبة ترجمة القرآن الكريم بهذه الدقة ولكن يمكن ترجمة المعاني فقط، كيف نترجم عالم وعلام وعليم؟ أو مثلاً هو يفعل، إنه يفعل، لهو يفعل، إنه ليفعلنّ، إنه ليفعل كيف تترجمها؟ إنه قادم، إنه لقادم، هو قادم، المعنى العام واحد لكن فيها معاني مختلفة لكن تترجم بنفس الجملة، (وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) يوسف) (إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) يوسف) هما نفس المعنى العام لكن واحدة أقوى من الأخرى لكن كيف نترجمها؟ في اللغات خصوصية استعمال وخاصة اللغة العربية فيها خصائص لا يمكن أن تؤديها أي لغة من اللغات.ذكرت في كتاب الجملة العربية والمعنى أن هناك 18 صيغة في اللغة العربية لكن ترجمتها واحدة في الإنجليزية لم تتغير. حتى في النفي (إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الأعراف) (وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (9) الأحقاف) كل واحدة لها دلالة لكن ترجمتها واحدة. الكتب السابقة لم يتحداهم الله تعالى فيها وإنما تحداهم في القرآن.
سبق وسألت سؤالاً منذ أشهر حول سورة الإخلاص رب العالمين نفى الماضي ولم ينفي المستقبل فقال لم يلد ولم يقل ولن يلد وقال لم يكن له كفواً أحد ولم يقل ولن يكن له كفواً أحداً فكأنه نفى الماضي ولم ينفي المستقبل؟
ج- (د.فاضل السامرائى): هم رد على من قال إن لله ولداً : (أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) الصافات) ولم يقولوا سيلد، هم جعلوهم أبناءاً لله قسم قال (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا (116) البقرة) وقسم قال (وَلَدَ اللَّهُ) هم لم يقولوا سيلد أو سيتخذ لأن هذا الأمر متعلق بمعبود موجود وليس بمعبود سيأتي فلما قالوا ولد الله قال لهم لم يلد ولم يولد لو لم يكن له كفواً أحد. فإذا قالوا (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ (101) الأنعام) لما لم يكن له كفواً أحد يعني ليس له صاحبة فكيف سيلد في المستقبل؟ فقطعت بهذا، هذه إجابة سريعة ثم نفصل فيها فيما بعد.