سورة البقرة وآياتها (286 آية) هي أول سورة نزلت في المدينة بعد هجرة الرسول r ، ومع بداية تأسيس الامة الاسلامية (السور المدنية تُعنى بجانب التشريع)، وأطول سور القرآن، وأول سورة في الترتيب بعد الفاتحة.
وفضل سورة البقرة وثواب قراءتها ورد في عدد من الأحاديث الصحيحة منها: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما) وفي رواية (كأنهما غمامتان او ظلتان)
وعن رسول الله r أنه قال: “لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة” أخرجه مسلم والترمذي.
وقال رسول الله r : “اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة” أي السحرة، رواه مسلم في صحيحه.
هدف السورة: الاستخلاف في الأرض (البشر هم المسؤولون عن الأرض)، ولذا جاء ترتيبها الأول في المصحف، فالأرض ملك لله عز وجل، وهو خلقها، وهو يريد أن تسير وفق إرادته، فلا بد أن يكون في الأرض من هو مسؤول عنها، وقد استخلف الله تعالى قبل آدم الكثير من الأمم، وبعد آدم أيضاً، فمنهم من فشل في مهمة الاستخلاف، ومنهم من نجح، لذا عندما نقرأ السورة يجب علينا أن نستشعر بالمسؤولية في خلافة الارض.
كما أسلفنا، فإن هدف السورة هو الاستخلاف في الأرض، وسورة البقرة هي أول سور المصحف ترتيباً، وهي أول ما نزل على الرسول r في المدينة مع بداية تأسيس وتكوين دولة الإسلام الجديدة، فكان يجب أن يعرف المسلمون ماذا يفعلون ومم يحذرون، والمسؤولية معناها أن نعبد الله كما شاء، وأن نتبع أوامره وندع نواهيه.
والسورة مقسمة إلى أربعة أقسام: مقدمة – القسم الأول – القسم الثاني – خاتمة. وسنشرح هدف كل قسم على حدة.
· المقدمة: وفيها وصف أصناف الناس وهي تقع في الربع الأول من السورة من الآية (1 – 29)
· الربع الأول: أصناف الناس:
1. المتقون (آية 1 – 5)
2. الكافرون (آية 6 – 7)
3. المنافقون (آية 8 – 20) والإطناب في ذكر صفات المنافقين للتنبيه الى عظيم خطرهم، وكبير ضررهم؛ لأنهم يظهرون الايمان، ويبطنون الكفر، وهم أشد من الكافرين.
· ثم ننتقل إلى القسم الأول من السورة، وفيه هذه المحاور:
· الربع الثاني:استخلاف آدم في الأرض (تجربة تمهيدية ) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (الآية 30)، واللطيف أنه سبحانه أتبع هذه الآية بـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (آية 31).
وهذه الآية محورية، فهي تعني أنك إذا أردت أن تكون مسؤولا عن الأرض يجب أن يكون عندك علم؛ لذا علّم الله تعالى الاسماء كلها، وعلّمه الحياة وكيف تسير، وعلّمه تكنولوجيا الحياة، وعلّمه أدوات الاستخلاف في الأرض: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)(آية 22). وهذا إرشاد لأمة الاسلام أنهم إن أرادوا ان يكونوا مسؤولين عن الأرض، فلا بد لهم من العلم مع العبادة، فكأن تجربة سيدنا آدم u هي تجربة تعليمية للبشرية في معنى وكيفية المسؤولية عن الأرض.
ثم جاءت الآية (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ( آية 36 ، ترشدنا إلى أن النعمة تزول بمعصية الله تعالى، وتختم قصة آدم بآية مهمة جداً (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) آية 38 ، وهي تؤكد ما ورد في أول سورة البقرة (هدى للمتقين)، وترتبط بسورة الفاتحة (إهدنا الصراط المستقيم).
· الربع الثالث إلى الربع السابع: نموذج فاشل من الاستخلاف في الأرض: قصة بني اسرائيل الذين استخلفوا في الأرض فأفسدوا (الآية 40) (يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين).
وأول كلمة في قصة بني اسرائيل (أني فضلتكم على العالمين) اي أنهم مسؤولون عن الأرض، وأول كلمة في قصة آدم u (إني جاعل في الأرض خليفة) أي مسؤول عن الارض، وأول كلمة في قصة بني اسرائيل (واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم)، وأول كلمة في الفاتحة (الحمد لله رب العالمين) والحمد يكون على النعم، فذكر نعم الله تعالى واستشعارها هي التي افتتح بها القرآن الكريم، والتي افتتحت بها قصة بني اسرائيل.
· تعداد نعم الله تعالى على بني إسرائيل: الآيات 49 – 50 – 51 – 52
“وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ” (49)”وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ “(50)”وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ” (51)”ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ “(52)
· عرض أخطاء بني إسرائيل (بهدف إصلاح الأمة الإسلامية) الآيات 55 – 61
وفي عرض أخطاء بني إسرائيل التي وقعوا فيها توجيه لأمة محمد r وإصلاح لها، ومن هذه الأخطاء: أن بني اسرائيل لم يرضوا بتنفيذ شرع الله تعالى – المادية – الجدل الشديد – عدم طاعة رسل الله – التحايل على شرع الله – عدم الإيمان بالغيب.
وقصة البقرة باختصار أن رجلا من بني إسرائيل قُتل، ولم يُعرف قاتله، فسألوا سيدنا موسى، فأوحى الله تعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة لها صفات معينة، ويضربوا الميت بجزء من البقرة المذبوحة، فيحيا باذن الله تعالى، ويدل على قاتله :(الآيات 69 – 71)، وهذا برهان مادي لبني إسرائيل وغيرهم، على قدرة الله جلّ وعلا في إحياء الخلق بعد الموت، وذلك أن بني اسرائيل كانوا ماديين جدا، ويحتاجون الى دليل مادي ليصدقوا ويؤمنوا.
وهذه السورة تقول لأمة محمد r أنهم مسؤولون عن الأرض، وهذه أخطاء الأمم السابقة فلا يقعوا فيها حتى لا ينزل عليهم غضب الله تعالى، ويستبدلهم بأمم أخرى.
وتسمية السورة بهذا الاسم (البقرة) إحياء لهذه المعجزة الباهرة، وحتى تبقى قصة بني إسرائيل ومخالفتهم لأمر الله، وجدالهم لرسولهم، وعدم إيمانهم بالغيب وماديتهم، وما أصابهم جرّاء ذلك – تبقى حاضرة في أذهاننا فلا نقع فيما وقعوا فيه من أخطاء أدت الى غضب الله تعالى عليهم.
وهذه القصة تأكيد على عدم إيمان بني إسرائيل بالغيب، وهو مناسب ومرتبط بأول السورة (الذين يؤمنون بالغيب) وهي من صفات المتقين.
وفي قصة البقرة روايات لأخطاء كثيرة، لأنها تعرض نماذج من الذين أخطؤوا، وهي امتحان من الله تعالى لمدى إيماننا بالغيب.
وتتتابع أخطاء بني اسرائيل إلى الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(104)، وكان العرب يفهمون هذه الكلمة (راعنا)،على أنها عادية، ولكنها تعني السباب عند بني إسرائيل، فأراد الله تعالى أن يتميز المسلمون عن اليهود حتى في المصطلحات اللفظية، وأمرهم أن يقولوا (انظرنا).
· الربع الثامن: نموذج ناجح للاستخلاف في الأرض (قصة سيدنا إبراهيم u) وهي آخر تجربة ورد ذكرها في السورة.
· اولا ابتلى سبحانه آدم في أول الخلق (تجربة تمهيدية)، ثم بني اسرائيل فكانت تجربة فاشلة، ثم ابتلى إبراهيم u فنجح (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)، وفي هذه الآية إثبات أن الاستخلاف في الأرض ليس فيه محاباة، فالذي يسير على منهج الله وطاعته يبقى مسؤولا عن الأرض، والذي يتخلى عن هذا المنهج لا ينال عهد الله (لا ينال عهدي الظالمين).
· امتحن الله تعالى سيدنا ابراهيم u بكلمات، فلما أتمهن قال تعالى (إني جاعلك للناس إماما)، ثم دعا إبراهيم ربه أن يبعث في هذه الأمة رسولا منهم (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم ) آية 136، وفي نهاية قصة سيدنا ابراهيم الآية: (قولوا آمنا بما أنزل الينا وما أنزل الى إبراهيم ) جاء ذكر الأنبياء كلهم، وهذا مرتبط بآية سورة الفاتحة (صراط الذين أنعمت عليهم)، فكأنما كل هؤلاء المذكورين في آية سورة البقرة هم من الذين أنعم الله تعالى عليهم، والذين يجب أن نتبع هداهم، والصراط الذي اتبعوه.
وملخص القول في القسم الاول من السورة أن القصص الثلاث : قصة آدم :(إني جاعل في الارض خليفة)، وقصة بني اسرائيل :(وأني فضلتكم على العالمين)، وقصة سيدنا إبراهيم u :(إني جاعلك للناس إماما)، هذه القصص الثلاث بدايتها واحدة وهي الاستخلاف في الأرض، وعلينا نحن أمة المسلمين أن نتعلم من تجارب الذين سبقونا، وأن نستشعر الأخطاء التي وقعت فيها الأمم السابقة، ونعرضها على أنفسنا دائما لنرى إن كنا نرتكب مثل هذه الأخطاء فتوقف عن ذلك، ونحذو حذو الأمم السابقة الذين نجحوا في مهمة الاستخلاف في الأرض كسيدنا ابراهيم u.
وفي القصص الثلاث ايضاً اختبار نماذج مختلفة من الناس في طاعة الله تعالى، فاختبار سيدنا آدم u كان في طاعة الله (أكل من الشجرة أم لا)، واختبار بني اسرائيل في طاعتهم لأوامر الله من خلال رسوله، واختبار سيدنا إبراهيم u بذبح ابنه إسماعيل أيضا اختبار لطاعة لله تعالى: (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات). وخلاصة أخرى هي أن الآمة مسؤولة عن الأرض، والفرد أيضا مسؤول، وللقيام بهذه المسؤولية فهو محتاج للعبادة وللأخذ بالعلم والتكنولوجيا.
· القسم الثاني من السورة (الجزء الثاني): أوامر ونواهٍ للأمة المسؤولة عن الأرض
وفي هذا القسم توجيه للناس الذين رأوا المناهج السابقة، وتجارب الأمم الغابرة أنه يجب عليهم أن يتعلموا من الأخطاء، وسنعطيكم أوامر ونواه كي تكونوا مسؤولين عن الارض بحق وتكونوا نموذجا ناجحا في الاستخلاف في الارض. وينقسم هذا القسم إلى:
· الربع الأول: تغيير القبلة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) آية (144-143)، لماذا جاءت الآية في تغيير القبلة من بيت المقدس الى بيت الله الحرام؟ المسلمون أمة أرادها الله تعالى أن تكون متميزة، وقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس)، فبما أنكم ستكونون شهداء على الناس لا بد من أن تكونوا متميزين، فلا استخلاف بدون تميز؛ لذا كان لا بد من أن تتميزالأمة المسلمة:
بقبلتها (بدون تقليد أعمى لغيرها من الأمم السابقة) آية 144.
بمصطلحاتها (انظرنا بدلا من راعنا) آية 104.
بالمنهج (اهدنا الصراط المستقيم) سورة الفاتحة .
· الربع الثاني: التوازن في التميز :
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) آية 158. وسبب هذه الآية أن الصحابة لما نزلت آيات تغيير القبلة ليتميزوا عن الكفار اعتبروا أن الصفا والمروة من شعائر الكفار، وعليهم أن يدعوها أيضا حتى يكونوا متميزين، لكن جاءت الآية من الله تعالى أن ليس على المسلمين أن يتميزوا عن كل ما كان يفعله الكفار، فلا جناح عليهم أن يطوفوا بالصفا والمروة؛ لأنها من شعائر الله، وليس فيها تقليد للأمم السابقة. إذًا علينا أن نبتعد عن التقليد الأعمى لمن سبقنا، لكن مع الإبقاء على التوازن، أي أننا أمة متميزة لكن متوازنة.
o الربع الثالث:عملية إصلاح شامل
الآية (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) وفيها اشياء كثيرة: فبعد أن أطاعوا وتميزوا مع الحفاظ على التوازن كان لا بد لهم من منهج اصلاحي شامل: (الإيمان بالله، بالغيب، إيتاء المال، إقامة الصدقة، إيتاء الزكاة، الوفاء بالعهود، الصابرين ، الصادقين، المتقين)، وكأنما الربعان الأول والثاني كانا بمثابة تمهيد للأمة، طاعة وتميز بتوازن وإصلاح شامل، وتبدأ من هنا الآيات بالأوامر والنواهي المطلوبة.
o أوامر ونواهٍ شاملة لنواحي الاصلاح:
o التشريع الجنائي: آية 179(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
o التركات والوصيات آية 180(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)
o التشريع التعبدي آية 183 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) التعبد واحكام الصيام.
o الجهاد والانفاق فيها دفاع عن المنهج، ولا دفاع بدون مال وإنفاق.( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آية 195.
آية 177 (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) مفصلة في هذه الأحكام، وكلما تأتي الآيات بتشريع تنتهي بذكر التقوى؛ لأنه لا يمكن تنفيذ قوانين إلا بالتقوى، وهي مناسبة ومرتبطة بهدى للمتقين في أول السورة، ونلاحظ كلمة التقوى والمتقين في الآيات السابقة، إذًا، فالإطار العام لتنفيذ المنهج هو : طاعة – تميز – تقوى، ونستعرض هذا التدرج الرائع:
· (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) آية183 .
· (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) آية َ179 .
· (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )آية 144. (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)آية 158 .
وكل من هذه الآيات هي اول آية في الربع الذي ذكرت فيه.
· الربع الرابع: باقي أجزاء منهج الاستخلاف
· الجهاد والانفاق(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ(190)وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ(191).
الحج وأحكامه (196 – 200).
لماذا جاء بآيات أحكام الحج بعد الجهاد؟ لأن الحج هو أعلى تدريب على القتال، وأعلى مجاهدة النفس. وأيات الحج بالتفصيل وردت في سورة البقرة استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم في الربع الثامن من القسم الأول (وأرنا مناسكنا) آية 128. ونلاحظ أن سورة البقرة اشتملت على أركان الإسلام الخمسة : الشهادة والصلاة والزكاة والصوم والحج، ولم تفصّل هذه الاركان في القرآن كما فصّلت في سورة البقرة.
الإسلام منهج متكامل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) آية 208 ، والسلم هو الإسلام، وهو توجيه للمسلمين أن لا يكونوا كبني إسرائيل الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) آية 85 ، وأن يأخذوا الدين كاملا غير مجتزأ، فكأنما يوجهنا الله تعالى في سياق السورة إلى الطاعة والتميز، ثم يعطينا بعض عناصر المنهج، ثم يأمرنا أن نأخذ الاسلام كافة، ولا نفعل كما فعل بنو إسرائيل، ثم يكمل لنا باقي المنهج، وهذ الآية (ادخلوا في السلم كافة) كان لا بد من وجودها في مكانها بعد الطاعة والتميز واتباع الأوامر والنواهي، والجهاد والانفاق للحفاظ على المنهج، ثم الأخذ بالدين كافة، ثم التقوى التي تجعل المسلمين ينفذون.
· الربع الخامس : اكتمال المنهج (الآيات 219 – 242).
وفيه إكمال المنهج من أحكام الأسرة من زواج وطلاق ورضاعة وخطبة وخلع وعدة وغيرها، وسياق كل ذلك التقوى، ونلاحظ نهاية الآيات بكلمة تقوى أو مشتقاتها. وقد تأخرت آيات أحكام الاسرة عن أحكام الصيام؛ لأن الله تعالى بعدما أعد المسلمين بالتقوى وبطاعته جاءت أحكام الاسرة التي لا ينفذها إلا من اتقى وأطاع ربه، فالمنهج الأخلاقي والعملي متداخلان في الإسلام. لا ينفع أن يبدأ بأحكام الاسرة ما لم يكن هنالك تقوى في النفوس البشرية.
· الربع السادس: قصة طالوت وجالوت (آية 246 – 251).
وهي قصة أناس تخاذلوا عن نصرة الدين، وجاء ذكرها في موضعها؛ لأن المنهج يجب أن يُحافظ عليه، ولا يتم ذلك إلا بوجود أناس يحافظون عليه.
· آية الكرسي (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (آية 255)، موضعها في السورة مهم جدا، وتدلنا الى أنه إذا أردنا تطبيق المنهج يجب أن نستشعر قدرة الله وعظمته وجلاله (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)، فالمنهج ثقيل، ويتطلب الكثير من الجهد، لكنه يستحق التطبيق؛ لأنه منهج الله تعالى (الله لا إله إلا هو)
ثم تأتي بعدها آية غاية في كرم الله وعدله (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، أمر من الله بأن لا نكره أحدا على الدين لماذا؟ لأن الدين واضح معناه بعد قوله (الله لا إله إلا هو) فالذي لا يعرف معنى (الله لاإله إلا هو) ولا يستشعر عظمة هذا المعنى، لا مجال لإكراهه على الدين. فالرشد بيٌن والغي بيٌن.
· قدرة الله تعالى في الكون (دلائل احياء الموتى):من الآية (258 – 261) جاءت في ثلاث قصص:
· قصة ابراهيم مع النمرود آية 258 (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
· قصة عزير والقرية الخاوية آية 259 (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
· قصة ابراهيم والطير آية 261 (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
وفي القصص الثلاث تأكيد على قدرة الله تعالى وأنه (لا إله إلا هو)، فكيف لا نقبل بتنفيذ المنهج أو نكون مسؤولين عن الأرض بعدما أرانا الله تعالى قدرته في الكون؟
· الربع الأخير: الإنفاق (الآيات 261 – 283)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ )آية 278
وهو آخر جزء من المنهج، وفيه حملة شديدة على جريمة الربا التي تهدد كيان المحتمع، وتقوض بنيانه، وحملت على المرابين بإعلان الحرب من الله تعالى ورسوله على كل من يتعامل بالربا، أو يقدم عليه. وعرض للمنهج البديل، فالإسلام لا ينهى عن أمر بدون أن يقدم البديل الحلال، وقد جاءت آيات الربا بين آيات الإنفاق لتؤكد معنى وجود المنهج البديل للمال والرزق الحلال.
o الخاتمة: وهذه أروع آيات السورة (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) آية 285. فالتكاليف كثيرة، والتعاليم والمنهج شاق وثقيل، فكان لا بد من أن تأتي آية الدعاء لله تعالى حتى يعيننا على أداء وتنفيذ هذا المنهج (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) آية 286 .
اي أعنا يا ربنا على تنفيذ المنهج؛ لأنه سيوجد أعداء يمنعوننا من ذلك، ولن نقدر على تطبيق المنهج بغير معونة الله. واشتملت الخاتمة على توجيه المؤمنين إلى التوبة والإنابة والتضرع إلى الله عزّ وجلّ برفع الأغلال والآصار، وطلب النصرة على الكفار، والدعاء لما فيه سعادة الدارين (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) وقد ختمت السورة بدعاء المؤمنين، كما بدأت بأوصاف المؤمنين، وبهذا يلتئم شمل السورة أفضل التئام، فسبحان الله العلي العظيم.
خلاصة: نحن مسؤولون عن الأرض والمنهج كاملا، وعلينا أن ندخل في السلم كافة، والمنهج له إطار: طاعة الله وتميز وتقوى. أما عناصر المنهج فهي: تشريع جنائي، مواريث، إنفاق، جهاد، حج، أحكام صيام، تكاليف وتعاليم كثيرة، فلا بد أن نستعين بالله تعالى على أدائها لنكون أهلا للاستخلاف في الارض، ولا نقع في أخطاء الأمم السابقة.