تبدأ المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ (1)) وأخبر ربنا في النساء في أواخرها أن اليهود لما نقضوا المواثيق التي أخذها الله عليهم حرم عليهم طيبات أحلت لهم فقال: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا (160) النساء) إذن حرّم عليهم الطيبات لأنهم نقضوا المواثيق وقال في المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) لأن أولئك نقضوها أنتم أوفوا بالعقود لذلك في أوائل المائدة قال: (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ (4)) مقابل (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ (160) النساء). يخاطب المؤمنين في سورة المائدة لما قال أوفوا بالعقود قال أحل لكم الطيبات أما أولئك حرم عليهم الطيبات لنقضهم المواثيق أنتم أوفوا بالعقود أحل لكم الطيبات. هذا أمر، والأمر الآخر أنه في خواتيم النساء تقسيم الإرث (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ (176)) فإذن خاتمة النساء في تنظيم العلاقة المالية بين الأقرباء، في أول المائدة العلاقة مع الآخرين، تلك العلاقة المالية مع الأقرباء والمائدة مع الآخرين والطبيعي أن تبدأ بالأقرباء ثم تعمم، فذكر العلاقة بين الأقربين في النساء وتقسيم الإرث بينهم وأول المائدة ذكر العلاقة مع الآخرين وتبدأ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) والعقود مع الآخرين (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى (2)) هذه مع الآخرين. إذن صار خاتمة النساء وأول المائدة تنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع عموماً كلهم من الأقربين إلى عموم المجتمع، تنظيم العلاقة كلها بين الداخل والخارج. ثم خاتمة النساء في تقسيم الأموال وأول المائدة في صرف الأموال ابتداء من الأطعمة أول ما يحتاج إليه الإنسان الطعام فذكر ما يحل له (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)) وما يحرم عليه (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ (3)). إذن خاتمة النساء في تقسيم الأموال والمائدة في أوجه صرف الأموال، إذن هي مترابطة. خاتمة النساء في هلاك الإنسان والاستفادة من ماله والاستفادة مما ترك وبداية المائدة في إهلاك الأنعام والاستفادة منها من صوف ولحم، تلك استفادة مما ترك وهذه استفادة مما تركت من صوف ولحم وأشعار، إذن الرابط الاستفادة مما ترك ومما تركت، تلك استفادة في الأموال والاستفادة من هذه بالأصواف والأشعار واللحم، إذن ترابط أكثر من موضوع في العقود وإحلال الطيبات وتنظيم العلاقة والاستفادة مما ترك ومما تركت.
تناسب خواتيم النساء مع فواتح المائدة