(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)) وفي آخرها:(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) كأنه استجاب، أمره في البداية (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا) فاستجاب:(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ). وأمره:(وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)) وفي الآخر قال:(فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ) أول مرة أمر الرسول ثم اتجه إلى المؤمنين:(فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ), كان الأمر للرسول على العموم والشمول أما للمؤمنين (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ). هنالك بعض الخصوصيات للرسول قيام الليل كان على الرسول واجب وهو مندوب بالنسبة المؤمنين.
يقول تعالى في سورة الجن: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) عبدُ الله أي الرسول ، لِبداً أي تلبدوا عليه واجتمعوا، وفي المزمل قال تعالى:(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)) الرسالة ليست سهلة, هذه من مظاهر اللبد التي قاموا بها، من مظاهر القول الثقيل ما فيه ما تلقى من قومك من أذى وما في طبيعته من أحكام. أليس فيه العذاب والفتنة من الثقل عليه؟!, قال في سورة الجن: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)) وفي المزمل:(رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)) هي نفسها. قال في سورة الجن: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)) وفي المزمل:(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)) هي نفسها، كأنما هي استكمال للآية وصف لما سوف يناله في الآخرة.
كلتا السورتين خطاب للرسول . في ختام المزمل قال:(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ (20)) ثم خاطب الرسول في المدثر: (يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)). وتقدم في سورة المزمل الكلام على الكافرين:(إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)) ثم ذكر في المدثر (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)) كلاهما مشهد من مشاهد العذاب للكافرين في المزمل والمدثر