قال تعالى في أولها:(الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)) وقال في الخاتمة:(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)) إذن هذا أحسن القصص (وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) هذا مرتبط. إذن هذا الترابط كانت الآية حينما تنزل يقول جبريل ضعها بين هذه الآية وتلك وهذا الترتيب توقيفي. الآية قد تنزل لسبب معين (أسباب النزول) وقد تنزل من ربنا سبحانه وتعالى المشرّع سواء سأل عنها السائل (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ (222) البقرة) أو لم يسأل أو حادث معين (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) المجادلة) قد تنزل لسبب أو قد تنزل لحكمة يريدها الله سبحانه وتعالى لكن وضعها يكون في مكان مناسب لما قبلها وما بعدها ولذلك نلاحظ جبريل كان يعارض الرسول في رمضان يعرض عليه ما نزل من القرآن وفي السنة الأخيرة عرضه عليه مرتين معناه كل آية وضعت في مكانها توقيفاً.
في خواتيم سورة هود قال تعالى: (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)) وقال في أوائل يوسف:(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3))، (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) أثبت أن الله تعالى يقصّ على الرسول في سورة هود لكنه أثبت صفة أنه أحسن القصص في يوسف. قال: (وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)) وقال في يوسف:(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ). قال في خاتمة هود: (وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)) ربنا ليس غافلاً عما فعله إخوة يوسف بيوسف.
في خاتمة سورة يوسف قال تعالى:(مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)) ما هو هذا؟ هذا القرآن، بداية الرعد (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (1)) قال في يوسف:(وَهُدًىوَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وفي الرعد: (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ)، عموم وخصوص، المؤمنون قلة مع أنه تفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ولكن أكثر الناس لا يؤمنون، إذن الكلام متصل. في خواتيم سورة يوسف قال:(وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)) وذكر من هذه الآيات في بداية الرعد: (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)) وكأيّن من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون، فصّل بعد إجمال. (وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ) وفي الرعد فصل الآيات رفع السموات ومد الأرض وجعل الرواسي وهذه كلها آيات لكنهم يمرون عليها وهم عنها معرضون.