س- استثنى الله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) فما هي اللمسات البيانية في هذه الآية؟
ج- ذكر نوعين: تكميل النفس وهو:(الذين آمنوا وعملوا الصالحات)وتكميل الغير وهو:(وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) إذن نوعين من الأعمال الصالحة تكميل النفس بالإيمان والعمل الصالح وتكميل الغير بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر. الإنسان ليس فقط يكون صابراً وإنما يتواصى لبناء المجتمع، يوصي بعضهم بعضاً ليس فقط أن يكون على الحق وإنما أن يكون على الحق ويوصي به وأن يكون صابراً ويوصي به وتواصوا بالصبر بعد التواصي بالحق لأن التواصي بالحق أحياناً يولد مشاكل لأن الحق مر فقد يغضب من توصيه بالحق فيحتاج إلى صبر، ينبغي أن يصبر الموصي يصبر على أذى الآخرين، الصبر على الحق والصبر عن الشهوات والصبر على الطاعات والصبر على أذى الآخرين والصبر على الابتلاء وهو أطلق الصبر في الآية لم يقل الصبر على كذا. وتواصوا بالصبر عموماً لكن مجيئه بعد التواصي بالحق لأن التواصي بالحق قد يؤدي إلى الأذى وقد يؤدي الهلكة إذا وصيت ظالماً قد يؤذيك وقد يقتلك فهذا يحتاج إلى صبر. إذن التواصي بالحق يحتاج إلى تواصي بالصبر والتواصي بالصبر مطلق تواصي بالصبر على الحق، على الطاعات، على الإيمان، على العمل الصالح، عن الشهوات والمعاصي، على المصائب والبلايا التي تقع عليه من موت ومرض هذا كله يحتاج إلى صبر. ثم التواصي فيها معنى المشاركة التواصي أي يوصي بعضهم بعضاًً وهذه فيها مشاركة لبناء المجتمع، كل يوصي بما يعلم لا بما يجهل على بصير يوصي بذلك وكلٌ يوصي بما يعلم بالحق والصبر.
ثم هنالك أمر:(إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) كان يمكن أن يقال وتواصوا بالحق والصبر أو تواصوا بالحق وبالصبر لكنه قال وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر بتكرار الفعل وحرف الجر لأهمية كل واحد منهما وهذه أعلى الاهتمامات. هذه آكد من تواصوا بالحق والصبر وآكد من تواصوا بالحق وبالصبر (ذكر الباء ولم يذكر الفعل) فهذه المرحلة آكد (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) هذه آكد حالة. هذا ليس مجرد تكرار في القرآن وإنما يحمل دلالة مؤكدة.
س- في آية سورة العصر ذكر التواصي وفي موطن آخر في سورة التين لم يذكر التواصي: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فما دلالة هذا؟
ج- في سورة التين فيما ينجي من دركات النار فقال سبحانه: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (6)) هذا يكفي للخروج من دركات النار. هذا الحد الأدنى الذي يخرجه من دركات النار ويدخله الجنة لكن لا ينجيه من خُسر.كان ممكن أن يحصل عليه أكثر. هذا إن ترك شيئاً خسر شيئاً قطعاً إن ترك التواصي بالحق أو خسر التواصي بالصبر خسر شيئاً فالتواصي فيه حسنة إذن تركه فيه خُسر. في سورة التين ذكر الحد الأدنى الذي ينجيه من النار ويدخله الجنة، ما الذي ينجي من أسفل سافلين؟ الإيمان والعمل الصالح فليس هناك حاجة للتواصي.
س- في العصر (وتواصوا بالحق) على ماذا هي معطوفة؟
ج- معطوفة على الصلة وهذه كلها من الصلة، صلة الموصول:(آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
س- سورة العصر: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)) ثم يستثني (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) بالجمع وليس بالإفراد لم يقل إلا الذي آمن؟
ج- الإنسان جنس وليس المقصود به واحد من الأفراد، لا يعني به شخصاً واحداً معيناً, وإنما هو اسم جنس والجنس عام يشمل الكثير وليس واحداً وإنما يدل على عموم الجنس ولا يقصد شخصاً معيناً. عندنا أل الجنسية وأل العهدية، تقول اشتريت الكتاب. (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) السجدة) لا تعني واحداً، الإنسان يشمل الجنس كله تقتطع منه من تشاء وما تشاء فالذين آمنوا هذا مستثنى من الجنس الذي هو أكثر من هؤلاء. (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود) الذين شقوا جنس وليس واحداً لذا قال (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)) (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا (108))، الخلق هكذا منهم أشقياء ومنهم سعداء هو أراد الجنس والجنس أعم من الجمع وقد يكون الجمع مجموعة من الجنس فالرجال مجموعة من جنس البشر لذا الجنس أعم ولذلك عندنا استغراق الجنس. لذا لما قال الذين آمنوا هم مجموعة من الجنس وهناك آخرون. وقال:(وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) التواصي أكثر من واحد وإلا كيف يتواصى؟ إذن لما قال:(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) هذا من الجنس وعندما قال:(وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) يقتضي أن يكون هنالك أكثر من واحد. إذن الإنسان اسم جنس يدل على الجمع وهو أعمّ. حتى في النحو لما تأتي بلا النافية للجنس عندما تقول لا رجل أوسع من لا رجال، عندما يقول لا رجال نفى الجمع لكنه لم ينف المفرد والمثنى لكن لما نقول لا رجل نفى الجمع والمفرد والمثنى، لا رجل نفى الجنس كله لا واحد ولا اثنان ولا أكثر وإنما مطلقة.

اترك تعليقاً