آية (38):
* ما الفرق بين (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) البقرة) و (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) يونس؟
د.حسام النعيمى:
التحدي كان بأكثر من صورة، كان هناك تحدي في مكة وتحدي في المدينة. السور المكية جميعاً جاءت من غير (من) (34) الطور، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) يونس ، (13) هود ، (88) الإسراء هذه السور المكية بعضها قال بحديث، آية من مثله لذلك نقول ما ورد في كتاب الله عز وجل هو ليس نقلاً حرفياً للكلام وإنما هم قالوا كلاماً والقرآن الكريم يأتي به مصوغاً بما يناسب أعلى درجات الفصاحة والبلاغة. ، حتى عندما يقول (وقالوا كذا) فهذا ليس قولهم حرفياً لأن هذا كلام الله تعالى وذلك كلامهم ولما يكون الكلام لغير العرب كلاماً قديماً هو ليس ترجمة حرفية كما قلنا وإنما هو حكاية حالهم بأسلوب القرآن الكريم. فإذن كان أحياناً يطالبهم بحديث، أحياناً بقرآن مثله، أحياناً عشر سور، أحياناً سورة مثل الكوثر أو الإخلاص، هذا كان في مكة. سورة واحدة فكان يقول (مثله), في المدينة (في سورة البقرة) المكان الوحيد الذي قال: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ (23). هنا القرآن انتشر وأسلوبه صار معروفاً، الآن يقول لهم (بسورة من مثله) لو قال : بسورة مثله كما قال سابقاً يعني سورة مثل سور القرآن الكريم. (من) هذه للتبعيض، هو هل له مثل حتى يطالَبون ببعض مماثله؟ هو لم يقل : فاتوا بمثله وإنما ببعض ما يماثله ولا يوجد ما يماثله فما معناه؟ هذا معناه زيادة التوكيد. لما تأتي (مثل) ويأتي عليها حرف في شيء ليس له مثل معنى ذلك توكيد كما قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) الشورى) الكاف للتشبيه، ومثل للتشبيه معناه أنه لو تخيلتم لو أن تصوّركم أنجدكم بأن تتخيلوا مثالاً لهذا القرآن فحاولوا أن تأتوا بمثل ذلك المثال ، بجزء من ذلك المثال الذي تخيلتموه فهذا أبعد في التيئيس من قوله (مثله) مباشرة.
بسورة مثله أي بسورة مماثلة، (من مثله) يعني بسورة من بعض ما تتخيلونه مماثلاً. هذا إمعان في التحدي وأبعد لأنه صار القرآن منتشراً. فلو تخيلت أيها السامع شيئاً يماثل القرآن وهذا غير ممكن لأنه سبق وقال تعالى: (لا يأتون بمثله) فأتوا ليس بمثله بمثل هذا الذي تخيلتم وإنما بجزء من مما تتخيلونه مماثلاً له فكان أبعد من التحدي لأن هذه الآية نزلت في المدينة بعد أن كان القرآن قد انتشر وعمّت الرسالة. كما قال الله عز وجل (ليس كمثله شيء) يعني لو أن عقلك تخيّل مثالاً فالله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء لو تخيّلت مثالاً يعني إبعاد للصورة.

اترك تعليقاً