*ما الفرق بين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا)و( فلا تعتدوها)؟
.*د.أحمد الكبيسى :
رب العالمين يقول (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا (187) البقرة)، ومرة يقول (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا (229) البقرة) في قضايا معينة، الأولى قال (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا (187) البقرة) وفي آية أخرى يتكلم عن الخلع إذا كرهت المرأة زوجها من غير سببٍ منه عليها أن تفتدي (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) البقرة) ما الفرق بين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) وبين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا)؟
الحدّ نوعان حدٌ بين الحلال والحرام، هذا حلال وهذا حرام، يعني حدّ صلاة الظهر الساعة الثانية عشرة وثلثا مثلاً إلى الساعة الثالثة والنصف، ليس لك الحق قبل هذا أن تفعل، وليس لك بعد هذا أن تفعل، فهذا حدٌ بين الحلال والحرام، الصلاة بعد الرابعة والنصف مثلاً حرام، والصلاة قبل الثانية عشرة والربع حرام، إذاً هذا حدٌ بين الحلال والحرام، فهنا يقول لا تعتدوها، لا تتعدى هذا الحد الذي حدّه الله لك في مسألة أوقات الصلاة.
وإذا كان هناك ذنب خطير قال لا تقربوها (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) فإذا سمعت الله سبحانه وتعالى يقول فلا تقربوها، فاعلم أنك أمام جريمة خطيرة، لاحظ (لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى (43) النساء) (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (152) الأنعام) (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (151) الأنعام) وهكذا كلها جرائم خطيرة. لذلك قال (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) .
أنت زوجتك معتكفة في رمضان، أو في غير رمضان، في المسجد فكيف تواقعها في هذه الحالة؟ كيف استطعت أن تفعل هذا وهي في المسجد معتكفة؟ والمعتكف في المسجد يعني لا يخرج منه، إذاً رب العالمين قال (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) ففي أيام المسلمين الأوائل وحتى الآن في رمضان هناك أماكن لاعتكاف النساء، وهناك أماكن لاعتكاف الرجال، فربما تتاح خلوة لزوجين فإياك أن تفعل شيئاً، لأنك في بيت الله عز وجل، ولأنكما معتكفان. فمن الخطورة أن تفعل هذا قال :(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا).
وحينئذٍ عليك أن تتأمل كلما جاءك في الكتاب العزيز (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا) أن تتوقف تماماً بقوة وخشوع. هذا هو الفرق بين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا)، وبين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا)، هذا حدٌ بين الحلال والحرام، وهذا حدٌ دون جريمة عظيمة يعاقب الله عليها عقاباً عظيماً.

اترك تعليقاً