*ما الفرق بين دلالة كلمة الكتاب والقرآن؟ وما دلالة إستخدام ذلك الكتاب في الآية (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) ولم تأت هذا الكتاب أو هذا القرآن أو ذلك القرآن؟
د.حسام النعيمى:
الذي أنزله الله عز وجل على رسوله (صلى الله عليه وسلم) يمكن أن يقال هو الكتاب، ويمكن أن يقال هو القرآن، ويمكن أن يقال هو الفرقان، ويمكن أن يقال هو الذِكر.
لكن أسماء الإشارة عندما تُستعمل تستعمل لغايتها، فاسم الإشارة في الأصل هو (ذا) وحدها لكن تدخله الهاء للتنبيه، حينما يقدم عليه شيء ينبّه فيقال (هذا)، وأحياناً تدخل عليه الكاف التي تشير إلى البُعد فيقال (ذاك)، وقد تدخل عليه اللام التي تشير إلى البُعد المُفرِط (ذلك) للبعيد جداً
بعض علمائنا يقولون: هذا نوع من تشريف الكتاب بأنه لم يُشر إليه بإشارة القريب، وكأنما أراد الله أن يعظّمه. وقسم قال: إذا أشار إلى الكتاب الذي في اللوح المحفوظ قال (ذلك)، فمعناه الكتاب الذي في اللوح المحفوظ، والذي لا يمسه إلا المطهّرون من الملائكة، فإذا أشار إليه بهذا أراد الذي بين أيدي الناس، فيشير إليه إشارة القريب كقوله تعالى (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) فهو بين أيديهم.
القرآن والكتاب واحد، وهو الآيات التي أنزلها الله عز وجل على محمد (صلى الله عليه وسلم) ، لكن حين يقول الكتاب فكأنه إشارة إلى هذا المدوّن وهو نفسه المقروء، الذي كان مسطّراً في اللوح المحفوظ، ثم نزل مقروءاً، ثم قرأه الرسول (صلى الله عليه وسلم) .
فالإشارة إلى الكتاب الذي في اللوح المحفوظ ويراد الرسم والكتابة، فجاءت كلمة (الكتاب)، وكان يمكن في غير القرآن أن يقال (ذلك القرآن)، لكن لأن الكلام جاء على أنه ليس فيه شك في تكوينه ، في ماهيّته، أي أنه خالٍ من الشك الذاتي، يعني هو غير قابل لأن يُشكّ فيه بذاته – قال (لا ريب فيه)، فانصرف الذهن إلى الكتاب الذي في اللوح المحفوظ (ذلك الكتاب لا ريب فيه)، والريب أدنى درجات الشك، والشك أقوى من الريب ، فهذا الكتاب بذاته يخلو من أي ذرة من ذرات الشك، فإذًا هو يخلو من الريب.