*ما الفرق بين قوله تعالى (فمن تبع هداي)و(فمن اتبع هداي)؟(د.أحمد الكبيسى)
الفرق بين تبع واتّبع، رب العالمين يقول (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿38﴾ البقرة) تاء باء عين، هذا في البقرة، مثلها جاءت في طه (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴿123﴾ طه) لماذا هنا في البقرة (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ) وهناك (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ)؟ رب العالمين يقول عن سيدنا إبراهيم (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴿36﴾ إبراهيم) وفي مكان آخر (مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ (50) القصص).
حينئذٍ دائماً إما تبعني وإما اتّبعني ناهيك عن اشتقاقاتها.
تَبِع زيدٌ عمراً، مر به فمضى معه، يعني أنت ماش في شارع فرأيت شخصاً واقفاً مررت به، فما إن حاذيته حتى صار خلفك تماماً، انقياد كامل، التبع باللغة العربية الظل، أنت حيثما تسير يسير ظلك معك (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ولو شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا (45) الفرقان)، وحينئذٍ هذا الظل يتبعك- بتسكين التاء- تماماً، ولا يتّبعك- بتشديد التاء- ما الفرق؟ يتبعك تلقائياً محاذاة كظلِّك بشكل مباشر، أما يتّبعك- بتشديد التاء- ففيها جهود، وفيها مراحل، وفيها تلكؤ، وفيها مشقات، وفيها أشياء كثيرة، تقول: أنا أتتبع المسألة حتى حللتها، أو تتبعت المسألة حتى وقفت على سرها، تتبعت مرة مرتين ثلاثا أربعا ليل نهار، هذا اتّبَع.
معنى ذلك أن كلمة تَبِع إما الكفر وإما الإيمان، إما التوحيد وإما الشرك، وحينئذٍ رب العالمين حين يقول (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى) يعني التوحيد، أرسلت لكم نبياً يقول اتركوا الأصنام لا إله إلا الله (أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴿6﴾ فصلت) هذا تَبِع على طول لا يتردد مثله بالضبط.
فلما قال (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ) هذه الشريعة أرسلت لكم شريعة، حاولوا كل واحد يطبق منها ما يستطيع (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴿16﴾ التغابن) وكل واحد على جهده وعلى قدره وعلى علمه وعلى نشاطه وعلى همته هذا اتّباع.
حينئذٍ من أجل هذا نقول الفرق بين تبِع واتّبع في القرآن الكريم أن تبِع تكون فيها أنت كظل الشيء، وأنت لا تكون ظل النبي إلا في التوحيد لا إله إلا الله، لابد أن تكون مثل ظله، لكن الاتّباع أين أنت؟ وأين هو؟! كل ابن آدم خطاء وهذا معصوم .
من أجل ذلك عليك أن تفهم أن رب العالمين مرة قال تبع ومرة اتبع، وهذا ليس عبثاً، والمفسرون يفرِّقون بين اتّبع وتبِع وأتبع (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ﴿78﴾ طه)، أتبعهم كان متخلفاً فلحق بهم ( أتبع السيئة الحسنة تمحها) يعني السيئة سبقت بأسبوع أو أسبوعين، أو شهر أو شهرين، فأنت أتبعها بحسنة.
لو كانت التوبة معها بالضبط ما إن أذنبت حتى تبت وأنت على الذنب، يقال تبِع، لكن إن كانت السيئة من زمن فأنت تقول: أتبعتها، ولذلك قال تعالى: (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ).
ولذلك نقول إن كلمة تبِع واتّبع وأتبع في القرآن الكريم كل واحدة تعطي معنىً دقيقاً وترسم جزءاً من الصورة، لا ترسمه الكلمة الأخرى، فعليك أن تعلم أن هذا المتشابه من أول ما ينبغي الانتباه إليه تنفيذا لقوله تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ ﴿82﴾ النساء)، وحينئذٍ هذا الذي نتدبره نتبين من خلاله أن هذا القرآن لا يمكن أن يصنعه مخلوق (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿82﴾ النساء)، كيف يمكن بهذه الدقة في كل كلمة في كل تصريف في كل فعل في كل حركة في كل صيغة، ترسم صورة مختلفة، هذا لا يقوله إلا رب العالمين على لسان نبي (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴿108﴾، يوسف) يتكلم هنا عن الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لكن أين أعمالنا وأين النبي؟ نحن نتّبع.
إذًا تبِع تأتي في العقائد إما الكفر وإما الإيمان، يعني إن كفرت تبعت الشيطان، وأن تؤمن تبعت نبيك، أو من دعاك، هذا الفرق بين تبِع واتّبع.
وأخطر استعمال لكلمة اتّبع هي ما جاء في التحذير من إبليس (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 168البقرة) ما قال تَتْبعوا – بتسكين التاء- هنا لم يقل تكفروا، إذا قالها تكون مع تتْبع- بتسكين التاء- وليس تتَّبع –بتشديد التاء- بل رب العالمين هنا يحذرنا من أن نتّبع الشيطان لا أن نتْبعه، إن نتَّبعه نقلده في بعض الذنوب الخطيرة. فرب العالمين يقول في سورة البقرة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) البقرة) ويقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208) البقرة)، وفي الأنعام (وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (142)) وفي النور(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) النور). (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) ما هي خطوات الشيطان؟ رب العالمين بهذا التحذير الشديد، وهذا النهي القوي، يردعنا بأقوى أنواع الردع، إننا لو تتبعنا ما يجري في هذه الأمة، وقد جرت في هذه الأمة أشياء تشيب لهولها الولدان من كثرة الفرق الضالة التي دخلت في الإسلام وآمنت بالله ورسوله واليوم الآخر، ثم على حين غرة صارت عندنا فرق كثيرة خوارج وأشكال وألوان كل واحد منهم اتّبع خطوة من خطوات الشيطان، ما هي خطوات الشيطان إذاً؟
يقال إنها معصية إبليس، وإبليس عصى حين قال الله له اسجد فلم يسجد، قال (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) الإسراء) قال (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا (18) الإسراء)، فرب العالمين لعنه وأخرجه من الجنة لأنه عصى الأمر، قال أنا ما أسجد لأدم، أنا فقط أسجد لله – في ظاهر الأمر أن هذا أمر طيب، وأن هذا موحد جداً جداً، ولهذا لا يسجد إلا لله – لكن هذا الغبي أو المتغابي لم يفرّق بين أن يأمره الله، وأن يأمره غير الله، رب العالمين هو الذي أمرك، قال لك: اسجد لهذا الرجل، فعليك أن تطيع الأمر، لو أن شخصا آخر، ملكا أونبيا – حاشاه طبعاً- قال لك تعال اسجد، تقول له: لا، أنا لا أسجد إلا لله، لكن الذي أمرك بالسجود رب العالمين نفسه، الذي قبِلك من عباده وجعلك أنت طاووس الملائكة، كيف لم تفهم؟ كيف غاب عن فهمك أن الذي أمرك بهذا هو الله نفسه؟ وعليك أن لا تناقش ولا تجادل، من أجل هذا دعواك بأنك توحد الله ولا تسجد لغيره، هذه دعوة كذابة وغبية ومقصودة، فيها حسد؛ لأنك أنت تعلم جيداً أن هناك فرقا بين الأمر من الآمِر، وبين الأمر من غيره، الآمر الذي أمرك بأن تسجد لله نفسه أمرك بأن تسجد لآدم، فادعيت أنت أنك موحد، وأنك لا تحب الشرك، أنت خلطت الأمورمما يدل على أنك متعمد هذه الإساءة.
وصار نقاش بينه وبين الملائكة، كيف كان يحاججهم؟ يقول لهم: إن الله لما خلقني كان يعلم قبل خلقي ما سيصدر مني من ضلال، والله يعلم قبل أن يخلقني أني سأكون شيطاناً مريداً، وأضل الناس، وأعدهم (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) الحجر) فلماذا خلقني إذاً؟ هذا السؤال الأول، الثاني: أنه حين خلقني كلفني بمعرفته وطاعته، وهو لا ينتفع بطاعة ولا يتضرر بمعصية؟ لماذا أمرنا رب العالمين أن نطيعه ولا نعصيه، ورب العالمين غنيٌ عن كل هذا، فما فائدة أني أطيعه أو أعصيه؟ لماذا أطيعه فيكرمني، وأعصيه فيعذبني؟؟ ولمَّا كلفني بمعرفته لماذا كلفني بالسجود لآدم؟ وذلك لا يزيد في معرفتي ولا عصياني، فكوني أسجد أو لا أسجد لا يزيد من معرفتي شيئا، ولا يقلل منها شيئا، خلقني وكلفني، ولما لم أطعه لعنني وطردني، فلماذا جعلني في طريق آدم، وجعلني أمشي وراءه حتى أوسوس له، وأخرجه من الجنة؟ هو الذي قدَّر علي هذا، فلماذا يسَّر لي أن أتبع آدم، وأتسلل إلى الجنة، وأوسوس لآدم؟ (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى (120) طه) إلى أن قال (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ (36) البقرة) لماذا سمح لي بهذا؟ لماذا وضعني في هذا الطريق؟ ثم عملت في آدم ما عملت، لماذا سلطني على أولاده حتى أني أنا وجنودي نراهم من حيث لا يروننا؟ لماذا سلطني هذا التسليط؟ كان من الممكن أن يقتلني حتى يخلص بني آدم، ثم كونه أمهلني إلى يوم يبعثون، لماذا فعل هذا؟؟ كل هذه أسئلة تجعل إبليس كأنه في الظاهر محق، طبعاً قالت الملائكة كلمة واحدة، قالت له: أنت مصيبتك في كلمة (لِمَ)، ليس لعبدٍ أن يقول لربه الله عز وجل لِمَ، إياك أن تقول لِمَ؟ الجندي الصالح لا يقول لقائده لِمَ؟ والمواطن الصالح لا يقول لرئيسه لِمَ؟ وخاصة أنهم يعرفون أن رئيسهم أو ملكهم أو قائدهم في غاية الإخلاص والوطنية والقدرة وحب الشعب والإنعام، مفروض أن تنفذ، ثم تسأل عن الحكمة، هذا من حقك، أما أن تقول: لا أنا ما أفعل، أنت رددت الأمر على الآمر.
هناك فرق بين من يناقش وبين من يتمرد، في كل جيوش العالم المتمرد يقتل، لأنه سيدمر المعركة، سيفشل الخطة.
إذاً نقاش إبليس على هذا الشكل خطوة من خطوات الفرق الضالة، ولو تأملتم لرأيتم أن كل فرقة تتبع خطوة من هذه الخطوات، يعني هناك ناس يعتبرون كل المسلمين مشركين، وبالتالي هو يقول أنا فقط موحد، أنا لا أعبد غيرك.
وما هي حكاية الخوارج؟ قالوا لسيدنا علي: كيف تحكِّم غير الله؟ الحكم فقط لله، كما قال إبليس (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) بالضبط نفس الخطوة، الخوارج اتبعوا خطوة من خطوات إبليس، عندما ادعوا أنهم لا يحتكمون إلا إلى الله، بينما الله عز وجل قال بين الزوجين (فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا (35) النساء)، وقال بين المسلمين (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (9) الحجرات) ومن كان الآمر؟ هو سيدنا علي، هذا الذي أجمعت الأمة على صلاحه، ولكنك اتّبعت خطوة من خطوات الشيطان، كان عليك أن تسأل وأن تستفسر، أما أن تتمرد، وتقتل عمر، وتقتل عثمان، وتقتل علي، وتزعم أن آلاف الصحابة كلهم مشركون، وتعيث في الأمة فساداً، في كل الأجيال تقتل العلماء والصالحين والأولياء وأصحاب الرأي وأصحاب العلم، هل هؤلاء كلهم مشركون، وأنت فقط الصواب؟ لماذا؟؟ هذه خطوة من خطوات الشيطان، وحينئذٍ كل فرقة ضالة تجدها في النهاية قد خطت خطوة من خطوات الشيطان التي كل وحدة منها لم فعل؟ لم فعل؟ وأنتم كلكم تعرفون هذا النقاش الفلسفي حول مرتكب الكبيرة، وقضية خلق الأفعال، والذات الصفات التي سالت دماء المسلمين بسببها، كلام سخيف وتافه وغبي، لكن هناك من تبناه، وكل جماعة اتخذت لها شعارا،ً وهؤلاء جماعة الفلانيين بدون ذكر أسماء، كلكم تعرفونها، وكل واحد في النهاية قد اتخذ خطوة من خطوات الشيطان، اتخذها مرجعية يسير فيها بين الناس، وهذا الذي حصل في الأمة من إفساد وقتل ودماء، وهذا الذي نحن فيه من تمزق رهيب لم يحدث في التاريخ مثله أساسه من يعتقد بأنه من علماء المسلمين، وكل واحد منهم له مذهبه وطريقته ومرجعيته، وكل واحد يكفر الآخر ويزندقه، وكلٌ وضع سيفه في رقاب الآخرين، وهذه بالضبط هي خطوات الشيطان.
كما أن الشيطان بث أعوانه؛ لكي يقتل الناس بالذنوب والخطايا (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ﴿27﴾ الأعراف) هناك دائما في كل مكان في التاريخ الإسلامي، ترى أحد الشيوخ يلبس عمامة قذرة، أقذر من قلبه مختبئ في مكان لا يعرفه أحد، وينفث سمومه منها خلْق القرآن، ومرتكب الكبيرة، والأفعال، هل الفعل مخلوق للعبد أو لله؟ وكلام سقط تافه، ولكن هذا الكلام التافه يقوله واحد منزوٍ في مكان في جامع، وينفث هذه السموم من غبائه، أو متعمداً في بعض الأحيان حتى وصلت الأمة إلى ما هي عليه الآن.
الصف في الصلاة بعضهم يكفر البعض، وبعضهم يتمنى أن يقتل البعض، وتعرفون ما جرى في العراق، الذي جرى في العراق كله حرب طائفية دينية، وكلها جميعاً بلا استثناء من خطوات الشيطان.
إذا خطر بقلبك أن قتل هذا الذي يقول لا إله إلا الله هو الجهاد، فأنت واحدٌ من أتباع هذا الشيطان، وقد اتبعت خطواته كما قال تعالى (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)، وهو قال (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)، وهذه هي الأمة اليوم، في غواية ما بعدها غواية، رب العالمين قال (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ ﴿78﴾ الحج) هؤلاء هم الناجون الوحيدون، فإذا وضعت لنفسك عنواناً آخر فئوياً أو حزبياً أو طائفياً فأنت واحدٌ من الذين ينفذون خطوات الشيطان في هذه الأمة، وما أكثرهم اليوم!. فمن عوفي من ذلك فليحمد الله، من عوفي وقال: كل من يقول لا إله إلا الله هو أخي، وكلنا خطاؤون (ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ثم جاء بقومٍ يذنبون فيستغفرون، فيغفر الله لهم) ورحمة الله تسع كل شيء، ما دمت توحد الله وتتبع الرسول.
ماذا يعني كل هذا؟ إياك أن تفلسف النص على حسب هواك (اتَّبَعَ هَوَاه)، إياك أن تتّبع هواك؛ لأن النصوص حمّالة أوجه، ورب العالمين جعل هذه النصوص بهذا الثراء تحتمل الوجوه، لكي يميز الخبيث من الطيب (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴿3﴾ العنكبوت).
وحينئذٍ ما من فتنة أعظم من الفتنة التي تأخذ طابع الدين، كما هو الآن في العراق وباكستان وأفغانستان وفي لبنان وفي كل العالم الإسلامي، الآن الفتنة دينية، إما طائفية أو فئوية أو حزبية، وأقولها بصراحة كلهم بلا استثناء الذين نسمعهم في الإعلام، كل واحد منهم على خطوة من خطوات الشيطان، والله قال (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ).
إذاً هذا الفرق بين تبِع وبين اتّبع، ومن رحمة الله عز وجل أنه لم يقل لا تتْبعوا- بتسكين التاء- خطوات الشيطان هذه ليست لنا، لو قال: لا تتْبعوا معناها أشركنا، أقول: أنا تركت الإسلام، وأنا وثني، هذا تبِع خطوات الشيطان، من حسن الحظ قال: لا تتَّبعوا- بتشديد التاء- كأن الله عز وجل يقول: لا أخاف على هذه الأمة أن تشرك، ولكني أخاف عليها أن تتّبع الشيطان، لا أن تتْبعه- بتسكين التاء- لن تترك دينها لدين آخر، وإنما سوف تترك أحكام دينها. هذا الفرق بين تبِع واتّبع، وعلينا أن نفهم جدياً أنه حيثما وجدت تبِع يعني: إما تبعت إبليس في الكفر، فأنت هالك وخالد في النار، أو تبعت محمداً أو أي الأنبياء الآخرين في التوحيد،فأنت ناجٍ ، وإذا كنت من جماعة اتّبع فأنت مذنب، وعليك أن تتوب، فإياك أن تهلك، وفرِّق بوضوح بين تبِع وبين اتّبع.

اترك تعليقاً