آية (286):
*ما الفرق بين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا) الطلاق، وبين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة؟(د.حسام النعيمى)
لو نظرنا في الآيتين سنجد السبب واضحاً. الآية الأولى كانت تتكلم على التكاليف عموماً (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) فهي في التكاليف وفي أمور الحياة وفي العمل، إذا عمل خيراً يكون له، وإذا عمل سوءاً يكون عليه، وهذا في عموم التكاليف، فقال الله عز وجل (لها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت) فهو كسبٌ واكتساب.
لكن الآية الثانية (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)) الإيتاء هو الإعطاء، وحين ننظر في سياق الآية نجد الكلام عن المال، أي ما آتاها من مال، فالكلام عن الإنفاق، وحين يكون الكلام عن الإنفاق فالإنسان ينفق. والكلام عن المطلقات أي ما أعطاها من الرزق، فلا يكلف الفقير أن ينفق ما ليس في وسعه، بل لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها من حيث المال، عندما يكون هناك إنفاق، فبقدر ما عندك تُنفِق، أي بمقدار ما آتاه الله (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها).
والتي في التكاليف للعلماء فيها وقفة: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، جمهور العلماء قالوا كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) “إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم” أي بقدر طاقتكم .
وقول آخر: إن معناها أن جميع التكاليف هي في وسع البشر؛ لأنه سبحانه و تعالى لم يكلّف البشر شيئاً لا يطيقونه، هذا يحتاج إلى استنباط أنه لم يكلفهم ما لا يطيقونه، فإذا كانوا لا يطيقون يخفف عنهم. بهذا الشكل حنى نجمع بين الأمرين.
(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) دلالة التنكير للنفس هي للعموم والشمول، أي جنس النفس، أيُّ نفس لا يكلفها الله تعالى إلا وسعها، إلا ما تطيقه. وحين يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) “إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن أمرفانتهوا” في مسألة النهي نقطع، فلما نُهينا عن الربا انتهى الأمر، لا نقول هذا ربا، وهذا رُبيّ أي ربا خفيف، هذا لا يجوز، وإذا أمرنا بأمر نأتي منه بقدر طاقاتنا. فإذا أمرنا مثلا بالصيام فإن الإنسان حين يكون مريضاً يخفف عنه.
الدلالة: القرآن هو تعبير فني مقصود، كل حرف، وكل لفظة، وكل عبارة وردت فيه لعظة مقصودة قصداً.

اترك تعليقاً