* ما الفرق بين (نزله على) فى قوله تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )97)) وأنزلنا اليك في سورة البقرة (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99))؟(د.حسام النعيمى)
لو تأمل الإنسان في الآيات تتضح له الإجابة: آية البقرة (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) اليهود صاروا يشتمون جبريل، وأعلنوا عداءهم له، فكأن الآية تقول لهم: جبريل لم يصنع شيئاً من عند نفسه، وإنما نزّل هذا القرآن على قلب محمد (صلى الله عليه وسلم) بإذن من الله سبحانه وتعالى (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ) وتكلمنا في المرة الماضية عن فكرة على وإلى (على فيها معنى الاستعلاء، وإلى فيها معنى الإيصال).
نزّله هنا على وزن فعّل تأتي للتكثير والتدريج، عندما تقول علّمه معناها: درّجه في العلم فتعلّم، ففيه نوع من التدريج. فنزّله على قلبك، هو هذا التدرج الذي نزل به.
في الآية الأخرى (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)) ذكر جبريل هنا، لكنها في حال نزول القرآن لم تشر إلى جبريل، وإنما أشارت إلى المصدر الأول وهو الله سبحانه وتعالى (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ) لما ذكر السياق الله سبحانه وتعالى: (فإن الله عدو للكافرين)، قال: (ولقد أنزلنا إليك) الباري عز وجل يتحدث عن نفسه (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ)، فهذا الإنزال بمعنى الإيصال، إننا أوصلنا إليك هذه الآيات لتبلّغها للناس.