آية (243):
*ما الفرق بين (ولكن أكثر الناس لا يشكرون)و(ولكن أكثرهم لا يشكرون)؟ (د.أحمد الكبيسى)
رب العالمين دائماً يتكلم عن نعمه وأفضاله على الناس (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (243) البقرة)، ومرة يقول (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴿60﴾ يونس) ، في حياتنا اليومية عندما يكون هنالك شخص من أقاربك المحترمين أبيك عمك خالك، تحترمه أو تحبه، أوهو ذو فضلٍ عليك، فتقول هذا عمي فلان، أو جاء عمي فلان، وراح عمي فلان، فأكثر من مرة تذكر اسمه.
وإذا كنت تعرف شخصا مهينا، أو تحتقره، أو أنه ممن لا شأن لهم، تقول: والله هذا راح، وهذا جاء، فتشير له بعدم اكتراث. فرب العالمين أحياناً حين يتكلم عن عباده الصالحين يقول (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) صحيح أنهم لا يشكرون، ولكنهم عباده، مؤمنون بالله وموحدون، طيبون كرماء، لكن عندهم أخطاء، وطبيعة شكرهم لله ليست واضحة، عبادة الشكر من أعظم العبادات، وقليلٌ منا من يحسنها، الشكر هذا باب هائل، الله قال (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴿13﴾ سبأ) وقليلٌ، فأنت لست من القليل.
رب العالمين يقول (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿243﴾ البقرة) هؤلاء ناس مسلمون مؤمنون موحدون. حينئذٍ قال (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ)، وهؤلاء ناس، وكلمة ناس عند العرب أي وجهاء الناس؛ ولهذا لما صارت معركة بدر وقتل المسلمون وجهاء قريش، فواحد من المسلمين فرح بهذا الانتصار العظيم، قال: لقد ذبحنا خرافاً، فالنبي قال له: يا بني إنهم الناس، فهؤلاء وجهاء القوم.
فرب العالمين لما تكلم عن عباده الضالين، ذكر لهم أخطاء، لكنهم عباده، فهم مؤمنون موحدون لله عز وجل كحالنا جميعاً، لكن الله إذا تكلم عن ناس كفرة قال (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ)، ومنهم هؤلاء المشركون.
يعرض الله لكلام فرعون عن موسى (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴿52﴾ الزخرف) موسى من أولي العزم، يقول فرعون عنه (أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) وحتى إبليس قال (أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ ﴿62﴾ الإسراء) عن آدم، فكلمة هذا وهم تستخدم للشخص الذي لا يعجبك، يعني تستهين به.
فحين كان الحديث عمن يحبهم الله قال (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) هؤلاء لا يشكرون، ولكن الله يحبهم، لأنهم موحدون، أما إذا قال (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) فهؤلاء الناس لا يريد أن يذكرهم، وهذا شأن العباد جميعاً في مثل هذه القضية

اترك تعليقاً