آية (194):
* ما المقصود ببقوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ (194) البقرة)؟(د.حسام النعيمى)
لا يجهلن أحد علينا فنعاقبه بمثل ما فعله أو بما يزيد، وسمى العقاب جهلاً على طريقة المشاكلة، وهذا يسميه العرب وأهل البلاغة المشاكلة، وهي أن يستعمل اللفظة نفسها، بغير المفهوم الأصلي. المفهوم عقاب، لكن يأخذ اللفظة نفسها فيستعملها على سبيل المشاكلة، وليس على سبيل المفهوم الثابت نفسه، نفس الدلالة التي دل عليها . من ذلك قوله عز وجل (فاعتدى) لأن ردّ العدوان ليس عدواناً. في قوله (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) صحيح أن اللفظة في دلالتها الأساسية عدوان، لكنها في الحقيقة ردٌ لعدوان، وإنما استعملت للمشاكلة. وكذلك أيضاً (ويمكرون ويمكر الله) هم يمكرون ويمكر الله، هم يدبرون السوء، والمشاكلة في المكر وهو نوع من عقاب الله تعالى، يعاقبهم على مكرهم، فعقوبة الله تعالى لهم سميت مكراً من قبيل المشاكلة، (ويمكر الله) هذا المكر من الله ليس تدبيراً سيئاً في ذاته، وإنما هو سوء لهم أوسوء عليهم، والأصل في غير القرآن : ويدبر الله لهم العقاب.

اترك تعليقاً