آية (61):
*ما المقصود بمصر في الآية (اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ (61) البقرة) ؟(د.فاضل السامرائى)
مصراً منونة، يعني أي مدينة من المدن، وليست مصر المعروفة، لأن الثانية تكون ممنوعة من الصرف (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ (21) يوسف)، هذه مصر البلد. فإذا صرفت تكون أي مدينة، أي بلدة لأن ما طلبوه ليس في الصحراء وإنما في أي مدينة.
*كلمة ضرب تكررت في القرآن كثيراً بمعاني مختلفة فكم معنى لها في اللغة؟( د.فاضل السامرائى)
الضرب كثير في اللغة، وهو في اللغة: إيقاع شيء على شيء، والضرب يكون باليد والعصى.
وضرب الدراهم أي صكّها، وضرب في الأرض أي سار أو تاجر (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ (101) النساء) تجارة أو ابتغاء الرزق، (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ (61) البقرة) مثل الخيمة، وضرب على يد فلان إذا حجر عليه، وضرب على يده إذا تبايعا وتعاقدا على البيع، و(فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) الكهف) أي منعناهم من السمع، وضرب المثل يعني بيّنه (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ (78) يس)، (أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ (5) الزخرف) يعني نهملكم، وضرب الوتد يعني دقّه، وضرب ابنه يعني ربّاه.
الضرب مختلف في اللغة، وهذا يسمى مشترِك لفظي، أي كلمة تتعدد معانيها بتعدد سياقها.
* ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله (يقتلون النبيين بغير الحق) سورة البقرة، وقوله (ويقتلون الأنبياء بغير حق) سورة آل عمران؟ فما الاختلاف بين النبيين والأنبياء، وبغير حق وبغير الحق؟
* د.فاضل السامرائى :
قال تعالى في سورة البقرة (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {61}).
وقال في سورة آل عمران (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {21}) و(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {112}).
جمع المذكر السالم إذا كان معه جمع كثرة فإنه يفيد القَلّة، وإذا لم يكن معه جمع تكسير يستعمل للقلة والكثرة. فعندما يكون معه جمع تكسير يفيد القلة (النبيين)، أما (الأنبياء) فتفيد جمع الكثرة.
وهو تعالى عندما يذكر معاصي بني إسرائيل يذكر الأنبياء.
أما الاختلاف بين ذكر كلمة (بغير حق) و(بغير الحق) فتدل على أن استعمال كلمة (الحق) معرّفة تعني الحق الذي يدعو للقتل، فهناك أمور يُستحق بها القتل. أما استعمال (بغير حق) نكرة فهي تعني أنه ليس حقا يدعو إلى القتل ولا إلى غيره، فإذا أراد تعالى أن يبيّن لنا العدوان يذكر (بغير حق).
إجابة سريعة للدكتور فاضل: من حيث اللغة الأنبياء أكثر من النبيين عددا، فالأنبياء جمع تكسير من جموع الكثرة والنبيين جمع مذكر سالم وهو من جموع القلة.
بغير حق وبغير الحق، الحق معرفة وحق نكرة، بغير الحق أي بغير الحق الذي يدعو إلى القتل، وهو معلوم (النفس بالنفس)، بغير حق يعني أصلاً بغير حق لا يدعو إلى قتل ولا إلى غير قتل.
وعندما يقول يقتلون الأنبياء بغير حق فهذا أعظم وأكبر جرماً من قوله يقتلون النبيين بغير الحق؛ لأن الأنبياء أعم وأشمل، وحق من دون أي داعٍ هذا أكبر جرماً وأعظم من يقتلون النبيين بغير الحق، والنبيين أقل، والحق هو الحق الذي يدعو إلى القتل فذاك أعظم، هذا من حيث اللغة، ثم ننظر في السياق لاحقاً حين نلاحظ مقام الذم والكلام على بني إسرائيل في قوله يقتلون الأنبياء بغير حق، أكثر وأعظم من يقتلون النبيين بغير الحق.

اترك تعليقاً