آية (102):
* ما دلالة استخدام صيغة الفعل المضارع في قوله تعالى (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)؟
د.حسام النعيمى :
الواقعة معروفة مشهورة عند المسلمين كيف أن إبراهيم (عليه السلام) رأى في المنام أن عليه أن يذبح ولده إسماعيل وهناك من يقول ولده إسحق لكن المشهور عندنا أنه إسماعيل. رؤى الأنبياء كما ورد في الصحيح وحي. النبي إذا رأى شيئاً في المنام فهو وحي من الله سبحانه وتعالى. يعني صورة من صور الوحي أن يكلّم في المنام بأمر ينبغي أن ينفذه. لأن الأمر في غاية الخطورة: ذبح الابنوالابن الوحيد الذي انتظره طويلاً أو الابن الثاني بعد إسحق من هذه المرأة أيّاً كان، تكررت الرؤيا ثلاث مرات كما يذكر علماؤنا في ثلاث ليال متتابعة يرى الرؤيا نفسها هناك هاتف يهاتفه يقول له اذبح ولدك. فلما تكررت الرؤيا ثلاث مرات لم يأمن أن تتكرر الرابعة أو الخامسة فأراد أن يبيّن لولده أن هذه الرؤيا مكررة دائماً ومستمرة فاستعمل الفعل المضارع الذي يناسب هذا الاستمرار يعني الرؤيا متواصلة مستمرة (إني أرى) لو قال ((إني رأيت) كان مرة واحدة يقول انتظر تتكرر، ما تتكرر، تتأكد ، ما تتأكد، لكن لما قال (إني أرى) ثبتت الرؤيا وهي مكررة ورؤيا الأنبياء في الأصل وحي من الله تعالى حق.
(أذبحك) بالمضارع يعني عليّ أن أقوم بهذا الأمر. وكان الجواب (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ (102)) لأنه أدرك أن هذا أمر من الله عز وجل (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ليس سهلاً أن يُذبح الإنسان. استعمال الفعل (أذبحك) لأن هذا الذي طُلب إليه ولم يُطلب منه أُخنقه أو أُدفنه في التراب وإنما طُلِب إليه أن يأخذ السكين ويُمِرّها على رقبة ولده. يعني هذا ليس بالأمر السهل وإنما امتحان عظيم لأبي الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) وقد نجح في الامتحان(وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)).