* ما دلالة استخدام (ما) وليس (من) في سورة النساء (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (3))؟(د.فاضل السامرائى)
(مَن) لذات من يعقل، للذات، من هذا؟ هذا فلان، مَن أبوك؟ أبي فلان، مَن أنت؟ أنا فلان. إذن (من) لذات العاقل سواء كانت اسم استفهام أم شرط أم نكرة موصوفة أم اسم موصول. (ما) تستعمل للسؤال عن ذات غير العاقل مثل ما هذا؟ هذا حصان، ما تأكل؟ آكل كذا. وتستعمل لصفات العقلاء، الذات أي الشخص الكيان. (ما) تستخدم لذات غير العاقل ولصفات العقلاء. لذات غير العاقل مثل الطعام (أشرب ما تشرب) هذه ذات وصفات العقلاء مثل تقول من هذا؟ تقول خالد، ما هو؟ تقول تاجر، شاعر. (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء (3) النساء) عاقل، صفة، أي انكحوا الطيّب من النساء. (ما) تستخدم لذات غير العاقل وصفاتهم (ما لونه؟ أسود) ولصفات العقلاء (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) الشمس) الذي سواها هو الله. مهما كان معنى (ما) سواء كانت الذي أو غيره هذه دلالتها (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (3) الليل) من الخالِق؟ الله هو الخالق. إذن (ما) قد تكون لصفات العقلاء ثم قد تكون للسؤال عن حقيقة الشيء (قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (60) الفرقان) يسألون عن حقيقته، فرعون قال (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) الشعراء) يتساءل عن الحقيقة. وقد يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) القارعة) (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) الواقعة) تفخيم وتعظيم سواء كان فيما هو مخوف أو فيما هو خير، عائشة قالت أبي وما أبي؟ ذلك والله فرع مديد وطود منيب. فلان ما فلان؟ يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) الواقعة) (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) الواقعة) ماذا تعرف عن حقيقتهم؟ التعظيم يكون في الخير أو في السوء أو ما يصيبه من السوء، قال ربنا عذاب عظيم وقال فوز عظيم قال عظيم للعذاب والفوز. النُحاة ذكروا هذه المعاني لـ (ما) في كتب النحو والبلاغة.
* (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3) النساء) ما الذي تضمنته الواو هنا وما معناها وهل هناك لمسة بيانية بحيث لو جمعناها تصبح تسعة وهي عدد زوجات الرسول, علماً أنه لا يجوز للرجل أن يجمع أكثر من أربع نساء؟(د.فاضل السامرائى)
الآية الكريمة (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3) النساء) مثنى معناها اثنتين اثنتين يعني مكرر، وثُلاث في اللغة معناها ثلاث ثلاث وليس معناها ثلاثة ورباع معناها أربع أربع ليس معناها أربعة. حتى تتوضح المسألة ما معنى مثنى وثلاث ورباع؟ فرق في اللغة لما تقول لجماعة خذوا كتابين يعني كلهم يشتركون في كتابين ولما تقول خذوا كتابين كتابين يعني كل واحد يأخذ كتابين، خذوا ثلاثة كتب كلهم يشتركون في ثلاثة كتب، خذوا ثلاثة ثلاثة يعني كل واحد يأخذ ثلاثة. هذا معنى مثنى ولو قال اثنتين لا يصلح فكيف يتزوج الناس كلهم اثنتين؟ اثنتين اثنتين، ثلاثة ثلاثة، أو أربعة أربعة، إذن الإباحة اثنتين اثنتين أو ثلاث ثلاث أو أربع أربع فإن لم تعدلوا فواحدة, إذن أقصى شيء مذكور أربع. إما أن يكونوا اثنتين اثنتين إن شاء الناس أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة, إذن الحد الأعلى سيكون أربعة فقط وليس تسعة لا يجمع الأعداد، إما اثنتين اثنتين أو ثلاث ثلاث أو أربع أربع. الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحددها ما روي أن غيلان أحد الصحابة أسلم وتحته عشر نسوة فقال له (صلى الله عليه وسلم) أمسك أربعة وفارق سائرهنّ. إذن أقصى شيء أربعة. استخدم صيغة مثنى وثلاث ورباع لأنه لا يصح أن يقول فانكحوا اثنتين لأنها تعني أن كلهم يشتركون في اثنتين كما قلنا خذوا كتابين يعني كلهم يشتركون في كتابين مهما كان العدد، هذه هي الصيغة الصحيحة لا يمكن أن يقول انكحوا ثلاثة أي يشتركون في ثلاثة وإنما ثلاث أي كل واحد يأخذ ثلاثة ولا يصح ولا يمكن في اللغة أن يقول اثنتين وثلاثة وأربعة لا يصح ولا يجوز في اللغة لأنها تعني أنهم كلهم يشتركون. (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر) يعني قسم له اثنين اثنين في الأجنحة وقسم ثلاث ثلاث وقسم أربع أربع لا يعني أن كلهم يشتركون في جناحين أو ثلاثة أو أربعة. إذن الإباحة إلى حد أربعة فإن لم تعدلوا فواحدة. أين الإشكال في السؤال؟ لماذا لم يقل (أو) مثلاً؟ لما يختار الواو يعني لك أنت أن تختار اثنتين ثلاثة أربعة لكن لو قال (أو) يعني يختار واحدة من هذه إما اثنين أو ثلاث أو أربع لا يحق لك الاختيار إلا حالة واحدة منها فقط، (أو) تأتي بمعنى التخيير والواو لمجرد العطف، فلو قال (أو) فليس له أن يختار ثلاثة مثلاً إن اختار اثنتين أما الواو ففيها الإباحة أن يختار ما يشاء. الأصل واحدة لأنه قال (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً) هذا الأمر الأصل واحدة والتعدد هذا شيء آخر. إذا قال (أو) يقتضي التخيير أما الواو (و) ليس فيها تخيير بحالة دون أخرى وإنما كما شئت إن أردت تتزوج اثنتين أو ثلاث أو أربع فإن لم تستطع أن تعدل فواحدة. النص يفسره الحديث عن الصحابي الذي كان له عشر نسوة لما أسلم فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم) “أمسك أربعة وفارق سائرهنّ” نص الحديث يشرح الآية.
*ما العلاقة بين الخوف من عدم القسط باليتامى والنكاح في آية سورة النساء؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة النساء (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {3}) نزل الحكم في ولّي اليتيم الذي تعجبه المرأة مالها وجمالها فيبخسها حقها طمعاً بمالها فلا يعطيها مهرها الكافي، لذا جاءت الآية إذا خفتم ألا تعولوا في إعطاء النساء اليتيمات حقهن فانكحوا غيرهن من النساء غير اليتيمات. وكان العرب يرغبون برعاية اليتيم واليتيمة فلما حذّرهم الله من عدم العدل في مال اليتيم خافوا من رعاية اليتيم فوردت الآية أن يقيموا العدل بين النساء ويخافوه كما يخافوا عدم العدل في اليتيم.