آية (31):
* ما دلالة استعمال اسم الإشارة هؤلاء في قوله تعالى (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)) واستعماله للعاقل أو لغير العاقل؟ ولماذا جاءت عرضهم للأسماء بدل عرضها في قوله تعالى في سورة البقرة؟(د.حسام النعيمى)
هؤلاء أصلها أولاء، ثم تدخل الهاء للتنبيه، أو أحياناً تدخل الكاف فتصبح أولئك. والإشارة أولاء في الأصل للعقلاء، لكن إذا اجتمع العقلاء وغيرهم يغلّب العقلاء فيُشار إلى المجموع بكلمة هؤلاء أو أولئك بحسب القرب والبعد، هؤلاء للقريب، وأولئك للبعيد.
الأسماء التي عرضت على الملائكة حين يقول (ثم عرضهم) هو عرض هذه المخلوقات، لأن الله تعالى أودع في هذا المخلوق الذي هو الإنسان (آدم) ما يمكن أن يعبِّر ويرمز به إلى الأشياء بالأصوات، فلما عرض هذه الأشياء من العقلاء وغيرهم على آدم (حيوانات، مخلوقات، بشر من أبنائه) كان آدم وحده، لكن الله تعالى كشف له ما سيكون له في الدنيا (الأسماء كلها).
بعض علمائنا – وهذا الذي نميل إليه- يقول: التعليم هنا ليس بمعنى التلقين، وإنما بمعنى الإقدار أي أقدره على أن سمّاها، أي جعل فيه القدرة على أن يرمز لهذه الأشياء، وهذا كلام قديم وليس جديداً.
عندما يتحدث البعض عن اللغة هل هي إلهام أو اصطلاح من الناس، نقول: الآية لا تتناول موضع الخلاف (وعلّم آدم الأسماء كلها) يمكن أن يكون معناها أقدر آدم على وضع هذه الأسماء، جعل لديه القدرة على أن يكتشف ويخترع، ويضع هذه الأصوات لهذه المسميات من العقلاء وغير العقلاء، ولذلك قال عرضهم بالجمع؛ لأن فيهم عقلاء وغير عقلاء. كيف عرضهم؟ هذا شيء في الغيب، ونحن نؤمن بالغيب، هؤلاء تشمل العقلاء وغير العقلاء، عرضهم بأسمائهم، (فلما أنبأهم بأسمائهم) لم يقل بأسمائها؛ لأن فيها خليطا من العقلاء وغير العقلاء.
*ما دلالة استخدام (أنبئونى) فى الآية و ليس (نبئونى) ؟(د.حسام النعيمى)
هذه الظاهرة استعمال نبّأ وأنبأ مضطردة في القرآن الكريم، بحيث أننا إذا أتينا إلى أفعل كما في قوله (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)) فعلى حين أن نبّأ وردت في ستة وأربعين موضعاً في القرآن، لم ترد (أنبأ) سوى في أريعة مواضع في القرآن كله، وسنجد أنها جميعاً فيها اختصار زمن، فيها وقت قصير، وليس فيها وقت طويل.. لاحظ (وعلّم آدم الأسماء كلها) بمفهوم البشر التعليم يحتاج إلى وقت، ولذا قال علّم ولم يقل أعلم، الأسماء كلها أي: هذا الشيء اسمه كذا ، ورب العالمين يمكن أن يقول كن فيكون، لكن أرادت الآية أن تبيّن أنه لقّنه هذه الأشياء في وقت، كما أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، وكان بإستطاعته أن يقول كن فيكون. (فَقَالَ أَنْبِئُونِي) لأن السؤال: هذا ما اسمه؟ فلان أو كذا، وهذا لا يحتاج إلى شرح وتطويل، لم يقل (نبّئوني) قال(أنبئوني)، لكن في مكان آخر قال: (نبئوني بعلم إن كنتم صادقين)، قالوا (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)) أيضاً ما تعلّموه في وقت. (قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ) آدم قال: هذا كذا ، وهذاكذا، وهذاكذا، والإنباء بكل إسم على حدة لا يأخذ وقتا،ً ولهذا قال (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِم) (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ) واحداً واحداً لا يحتاج إلى وقت.

اترك تعليقاً