آية (91):
* ما دلالة صيغة الفعل المضارع فى (تقتلون) ؟( د.فاضل السامرائى)
هذا يُسمّى حكاية الحال بمعنى أنه إذا كان الحدث ماضياً، وكان مهماً، فإن العرب تأتي بصيغة المضارع حتى تجعل الحدث وكأنه شاخص ومُشاهد أمامك، والمضارع يدل على الحال والاستقبال، والإنسان يتفاعل عادة مع الحدث الذي يشاهده أكثر من الحدث الذي لم يره، أو الذي وقع منذ زمن بعيد، فالعرب تحول صيغة الأحداث إلى صيغة المضارع وإن كانت ماضية.
وهذا الأمر ورد في القرآن كثيراً كما في قوله تعالى في سورة البقرة (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91))، وقتل الأنبياء حالة مستغربة، وفي القرآن يأتي بصيغة المضارع مع الأشياء المهمة التي تدل على الحركة والحيوية. وقد جاء في قوله تعالى في سورة فاطر (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)) جاء فعل أرسل بصيغة الماضي ثم فعل (فتثير) بصيغة المضارع ثم فعل (فسقناه) بصيغة الماضي، مع أن السّوق يأتي بعد الإثارة، والأحداث كلها ماضية، لكن الإثارة مشهد حركة، فجعلها بصيغة المضارع ليدل على الحضور.
وهذا الأمر نجده أيضاً في السيرة ففيما روي عن الصحابي الذي قتل أبا رافع اليهودي الذي آذى الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
“فناديت: أبا رافع، فقال: من هذا؟ فأهويت عليه بالسيف، فأضربه وأنا دهش”.
فجعل صيغة المضارع للمشهد الأبرز، وهو الضرب، فكأن السامع يرى الحادثة أمامه، ويرى الصحابي وهو يضربه.

اترك تعليقاً