آية (1):
*(سبّح لله) بصيغة الماضي وفي بعض السور (يسبح) بصيغة المضارع فهل هذا مقصود بذاته؟(د.فاضل السامرائى)
نلاحظ أنه كل سورة تبدأ بـ (سبّح) بالفعل الماضي لا بد أن يجري فيها ذكر للقتال في كل القرآن أي سورة تبدأ بـ (سبّح) فيها ذكر للقتال والمبدوءة بـ (يسبح) ليس فيها ذكر للقتال أبداً. سورة الصف (4) كل التي تبدأ بـ (سبّح) لا بد أن يجري فيها ذكر القتال. في سورة الحديد (10) ليس هنالك سورة في القرآن تبدأ بـ (سبح) إلا ويجري فيها ذكر للقتال وليس هنالك سورة في القرآن تبدأ بـ (يسبح) إلا لم يذكر فيها القتال. هذا توجيه للناس في الحاضر والمستقبل أن يتركوا القتال، أن لا يقاتلوا، الذي جرى جرى في تاريخ البشرية والله تعالى حكيم فعل ما فعل ودعا الناس يفعلون ما يشاؤون، هو التوجيه للخلق، للعقلاء، للناس، للمسلمين أنه في الحال والاستقبال عليهم أن يتركوا القتال ويعيشوا حياتهم، ينصرفوا إلى التعاون وما هو أنفع وما هو أجدى وما هو خير. هو توجيه لما يقول (يسبح) المضارع يدل على الحال والاستقبال لم يذكر القتال وكأنما هو توجيه – والله أعلم – للخلق في حاضرهم ومستقبلهم أن يتركوا القتال، أن لا يتقاتلوا فيما بينهم، أن يتفاهموا، أن يتحاوروا، أن يتحادثوا، أن تكون صدورهم رحبة، هذا أنفع لهم من القتال، الماضي ماضي ذهب لكن (يسبح) كأنه توجيه لعباده. الرابط بين القتال والتسبيح: التنزيه عما لا يليق والقتال لا يليق كما قالت الملائكة (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) البقرة).
* ما دلالة استعمال (ما) في قوله تعالى (يسبح لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ (1)) في سورة الجمعة؟(د.فاضل السامرائى)
توجد ظاهرة في آيات التسبيح في القرآن كله. إذا كرّر (ما) فالكلام بعدها يكون على أهل الأرض. وإذا لم يكرر (ما) فالكلام ليس على أهل الأرض وإنما على شيء آخر. في سورة الحشر وكذلك في سورة الصفّ وفي سورة الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)) وفي سورة التغابن.
هذه قاعدة عامة في القرآن والتعبير القرآني مقصود قصداً فنياً. وهذا في مقام التسبيح ولم أتحقق من هذه القاعدة في غير مقام.
*لماذا قدم السموات على الأرض؟(د.فاضل السامرائى)
أولاً من الذين كان يسبح سابقاً أهل السماء أو أهل الأرض؟ أهل السماء لأن أهل الأرض لم يكونوا موجودين أصلاً، قبل أن خلق آدم فبدأ بمن هو أسبق تسبيحاً، بمن هو أدوم تسبيحاً (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) الأنبياء) (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) فصلت) فبدأ بأهل السماء لأنهم أسبق في التسبيح قبل خلق آدم ولأنهم أدوم تسبيحاً، أدوم في هذه العبادة.