*لماذا جاء الخطاب في سورة الإسراء لـ (بني إسرائيل) وليس لليهود؟(د.فاضلالسامرائى)
لأن بني إسرائيل هم أبناء يعقوب(وهوإسرائيل)وهم المعنيّون بالأمر وليس اليهود عموماً هم المقصودون في الآية.
*ما معنى كلمة التسبيح؟ وهل له أنواع؟(د.فاضلالسامرائى)
التسبيح هو التنزيه عما لا يليق، أصل التسبيح هو التنزيه (سبّح لله) أي نزّهه هؤلاء كلهم بما نفقه وبما لا نفقه من تسبيحهم (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) الإسراء) الطير تسبّح والأشجار تسبّح وكل شيء يسبح (وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15) الرعد) لا نفقه تسبيحها. التسبيح هو التنزيه عن كل ما لا يليق، عن كل نقص، أن تقول لله ولد أو تشبهه بخلقه أو أي شيء لا يليق بذاته. التسبيح ورد في صور شتّى: ورد التسبيح بالفعل الماضي (سبّح) وورد بالفعل المضارع (يسبح) وورد بفعل الأمر (فسبِّح) (سبِّح اسم ربك) وورد باسم المصدر (سبحان الذي أسرى بعبده) كل هذا ورد فيه، لماذا؟ سبّح للزمن الماضي، يسبح مضارع للحال والاستقبال (المضارع للاستقبال كما في قوله تعالى (إن الله يفصل بينهم) هذا في يوم القيامة) حتى أن بعض النحاة قالوا هو للاستقبال أولاً ثم للحال. (سبِّح) الأمر وهو يدل على أن تبدأ به وتستمر، سبحان اسم مصدر. اسم المصدر قريب من المصدر، سبحان معناه علمٌ على التنزيه.نلاحظ أن الفعل مرتبط بزمن وبفاعل حتى يكون فعلاً، المصدر هو الحدث المجرّد الذي ليس له زمن ولا فاعل. إذن صار التنزيه استغراق الزمن الماضي (سبح) والحال والمستقبل (يسبح) والأمر بالتسبيح ومداومته (سبّح) وسبحان التسبيح وإن لم يكن هناك من لم يسبح في السموات والأرض قبل الزمان وبعد الزمان إن كان أحد أو لم يكن فهو يستحق التنزيه سبحانه سواء كان هناك من يسبح بفاعل أو بدون فاعل فاستغرق جميع الأزمنة وقبل الأزمنة وبعد الأزمنة واستغرق الخلق وما قبل الخلق وما بعد الخلق.
ليس هذا فقط إنما لاحظ كيف ورد التسبيح؟ ورد التسبيح (سبِّح اسم ربك الأعلى) ذكر الاسم، و(سبّحوه بكرة وأصيلا) لم يذكر الاسم وذكر المفعول به مباشرة، (سبّحه) (سبِّح اسم ربك الأعلى) متعدي وسبّح باسمه متعدي بالباء، متعدي بنفسه والتعدية بالاسم وبالحمد (فسبح بحمد ربك)، (سبّح) هو في الأصل فعل متعدي. الفعل اللازم هو الذي يكتفي بفاعله ولا يأخذ مفعول به مثل ذهب ومشى ونام، الفعل المتعدي يتعدى إلى مفعول به مثل أعطى، وأحياناً يستعمل المتعدي كاللازم بحسب الحاجة مثلاً أحياناً يكون متعدياً إلى مفعولين أو يذكر مفعولاً واحداً مثلاً (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) الضحى) ماذا يعطيك؟ أطلق العطاء ولم يقيّده بأمر معيّن. وقالوا يستعمل استعمال اللازم كما في قوله تعالى (حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) التوبة) وأحياناً لا يذكر المفعول به أصلاً (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) يونس) (يفقهون) فعل سمع متعدي (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) النمل) علم تأخذ مفعولين ما ذكرها لأنه أراد الفعل بالذات ولم يُرِد المتعلق. قد نستعمل المتعدي كاللازم نريد الفعل وليس مرتبطاً بالمفعول به كما تقول مثلاً: فلان يعطي ويمنع، ماذا يعطي؟ وماذا يمنع؟ (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) طه) هو يسمع ويرى ولا يقيّد بشيء معين.
*ما دلاله وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبد في قوله تعالى: (بعبده)؟(د.فاضلالسامرائى)
اختار كلمة عبد وأضافه إلى ضميره الإنسان لما يقول عن نفسه أنا عبد الله هذا تواضع والله تعالى لما يقولها عن عبد يكون تكريماً وهذا فيه تكريمان: الأول اختيار كلمة (عبد) لأن الله تعالى في القرآن الكريم لما يذكر (عبد) يذكره في مقام التكريم لأن العبودية نوعان في القرآن الكريم: العبودية الاختيارية والعبودية القسرية. العبودية الاختيارية هي أن الإنسان يختار أن يكون عبداً لله مطيعاً له وبهذا يتفاضل المؤمنون. ففي مقام مدح نوح (عليه السلام) قال تعالى:(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) الإسراء) أثنى على نوح وصفه بالعبودية. وقال تعالى:(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً (1) الإسراء) وصفه بالعبودية (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) الجن). أما العبودية القسرية فليس فيها فضل لأنه رغم عن الإنسان نحن كلنا عباد الله شئنا أم أبينا (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) مريم) عبادة قسرية رغماً عنا، الله تعالى يرزقنا ويختار لنا المكان الذي نولد فيه ويختار الأبوين ويعطينا إمكانيات ونعيش في السنن التي وضعها لا نتجاوزها هذه عبادة قسرية شئنا أم أبينا ليس فيها فضل وكل الناس هكذا (أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) الفرقان) هذه عبودية قسرية ليس فيها فضل وقمة العبودية هي العبودية الاختيارية وحتى الأنبياء يتفاضلون في عبوديتهم لله سبحانه وتعالى (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) ص). فكلمة عبد وسام للشخص من الله تعالى فإذا أضافها إلى ضميره (عبده) نسبه إليه إذن فيها تكريمان لأنه لما ينتسب العبد إلى الله تعالى يكون في حمايته. ولذلك لاحظ يقولون لما قال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) لما ذكر كلمة عبد عرج به إلى السموات العلى وإلى سدرة المنتهى ولما ذكر موسى باسمه قال: (وَخَرَّ موسَى صَعِقًا (143) الأعراف) إذن وكأن مقام العبودية عند الله سبحانه وتعالى مقام عظيم.
*السُرى هو السفر ليلاً فما دلالة ذكر (ليلاً) في آية الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً (1))؟(د.فاضلالسامرائى)
في الحلقة الماضية تعرضنا إلى أن هناك ظرف مؤكد وظرف مؤسس. الظرف المؤسس يعطيك معلومة جديدة لم تستفدها من الجملة السابقة للظرف كأن تقول سافرت يوم الجمعة، يوم الجمعة لم تستفدها إلا بعد أن ذكرت الظرف. أولاً (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً) ليلاً: ظرف مؤكد لأن الإسراء لا يكون إلا بالليل. والتوكيد في الظروف وغير الظروف أسلوب عربي وجائز. في الصفات كقوله تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) الحاقة) هي نفخة واحدة وقال تعالى: (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ (51) النحل) الإلهين يعني اثنين. إذن عندنا تأسيس وتأكيد في الحال والصفات والظروف. إذن ليلاً هو ظرف مؤكد، هذا أمر. والأمر الآخر أن كلمة ليلاً أفادت معنى آخر غير كونها ظرف مؤكد وهو أن الإسراء تم في جزء من الليل. لما تقول سافرت ليلاً أي سافرت في هذا الوقت لا يعني أنك قضيت الليل كله لكن لما تقول سافرت الليل أي قضيت كل الليل سفراً. عندما تأتي بالألف واللام سافرت الليل أو الليل والنهار أو مشيت الليل والنهار أي كله لأن هذا جواب (كم؟). لما تقول سافرت ليلاً فهو توقيت وجواب عن متى؟ قد تكون سافرت في جزء منه، أما لما تقول سافرت الليل تكون قد استغرقته كله كما في قوله تعالى: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) الأنبياء) هذا يستغرق استغراقاً لا يفترون. (ليلاً) أفاد أن هذه الحادثة كلها، الإسراء تم في جزء من الليل وهذا دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى أن تستغرق الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى التي تستغرق شهوراً والمعراج وما فيه كل هذا في جزء من الليل. إذن كلمة ليلاً أفادت معنيين الأول أنها ظرف مؤكد للإسراء والأمر الآخر أن هذه الحادثة استغرقت جزءاً من الليل. (أسرى بعبده) كم استغرق؟ لا نعلم. كلمة أسرى وحدها لا تدل على جزء محدد من الليل، الإسراء هو المشي بالليل فقط ولو لم يقل ليلاً لما دل على أن هذا تم في جزء من الليل. فكلمة ليلاً إذن أفادت أمرين الظرف المؤكد وأن هذه الحادثة لم تستغرق إلا جزءاً من الليل.
لا توجد كلمة زائدة في القرآن أو حشو وإنما كل كلمة لها دلالة. في القرآن يقولون حرف جر زائد وهذا مصطلح لا يعنون به الزيادة التي ليس لها فائدة وإنما وقوعها بين العامل والمعمول لغرض وهو الزيادة للتوكيد كما في قوله: (وما ربك بظلام للعبيد)، هو من حيث وقوعها بين العامل والمعمول تسمى زيادة فهذا مصطلح والمعنى العام هو باقٍ لكن وقعت بين العامل والمعمول وأكّدت والتأكيد أمر موجود في اللغة وقد يستدعي السياق التأكيد فكلمة زائدة عند النُحاة لا تعني أنه ليس لها فائدة، هذا قطعاً ليس هو المقصود وإنما في الغالب تفيد التوكيد وأقول في الغالب لأنه قد تفيد الزيادة شيئاً آخر غير التوكيد.
سؤال:الإسراء من – إلى، ألا يقتضي المنطق أن الظرف يأتي بعد (من – إلى) يعني أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلاً؟
العامل هو أصلاً متقدم (أسرى) وبعبده وليلاً متعلقة بهذا العامل وهي معمولات لهذا العامل. يبقى الترتيب لما هو أهمّ: بدأ بالزمان (ليلاً) ثم المكان (من المسجد الحرام) كلها حصلت في جزء من الليل وهذا أمر مستغرب أنه من هذا المكان إلى ذلك المكان أن يكون في جزء من الليل، ليس مستغرباً أن تذهب من هذا المكان إلى ذلك المكان لكن المستغرب والمستبعد أن يتم ذلك في جزء من الليل لذلك هم قالوا نضرب إليها أكباد الإبل ستة أشهر ذهاباً ومجيئاً. هم لم يستغربوا من الذهاب والإياب لأنهم يذهبون ويأوبون ولكن استغربوا من الاستغراق للوقت فقط. لو لم يقل ليلاً لما فهمنا أنه تم في جزء من الليل.
سؤال: هل نقول المعراج أو العروج؟ المعراج هو الآلة والعروج هو المصدر، هو الحدث. نقول الإسراء والمعراج.
*ما دلالة كلمة (ليلا )؟(د.فاضلالسامرائى)
قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ًمن المسجد الحرام الى المسجد الأقصى )والتوكيد باب كبير في اللغة وليس هناك باب لا يدخل فيه التوكيد مثلاً التوكيد بالجار والمجرور كما في قوله تعالى (ولا طائر يطير بجناحيه) المعلوم أن الطائر يطير بجناحيه ومع هذا جاءت كلمة بجناحيه للتوكيد, والظرف المؤكّد كما في قوله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً)الإسراء يكون ليلاً .
*ما دلالة كلمة (لنريه) في سورة الإسراء؟(د.فاضلالسامرائى)
قد يحتمل المعنى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أُعطي الرؤية الإلهية وتعطلت الرؤية البشرية وربما يكون سبحانه وتعالى قد أعطاه رؤية قوية أكثر من قدرة البشر بدليل أنه رأى القافلة ورأى موسى وهو يصلي في قبره ورأى جبريل عليه السلام. والله أعلم.
كلمة عبد في اللغة تعني إنساناً سواء كان مملوكاً أو حُرّاً. فلما يقول في القرآن:(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً) ما قال بشراً أو إنساناً لأنه يريد أن يربطه بالعبودية لله تعالى وهي أسمى المراتب للبشر ففي أروع المواطن سمّاه عبداً. كلمة عبد لها أكثر من عشرين جمعاً ونظمها أكثر من واحد.

اترك تعليقاً