* ما الفرق بين استعمال كلمتي عقاب وعذاب كما وردتا في القرآن الكريم؟(د.حسام النعيمى)
هذه الكلمات هي من لهجات مختلفة، فليس بينها فروق، ويستدلون بكلمة السكين والمُدية.
جمعنا كل الآيات التي فيها كلمة عقب ومشتقاتها، عقاب وعاقبة وعوقب ومعاقبة بكل اشتقاقاتها، وكذلك كلمة عذّب عذاب يعذب معذب تعذيباً يعذبون.
والذي وجدناه في هذا أن العقاب وما اشتق منه ورد في 64 موضعاً في القرآن الكريم، والعذاب وما اشتق منه ورد في 370 موضعاً، فلما نظرنا في الآيات وجدنا أن هناك تناسباً بين الصوت والمعنى: فالعذاب عقاب والعقاب عذاب، وأنت عندما تعاقب إنساناً تعذّبه بمعاقبته، والعذاب نوع من العقوبة، لكن لاحظ حين نأخذ الفعل (عقب) كيف ننطق القاف؟ القاف يسمونه حرفا شديداً، يعني يُولد بانطباق يعقبه انفصال مفاجيء، مثل الباء، بينما الذال المشددة فيها رخاوة وفيها طول.
من هنا وجدنا أن كلمة العقاب تكون للشيء السريع، والسريع يكون في الدنيا، لأن القاف أسرع، والذال فيها امتداد، وهذا الامتداد يكون في الدنيا والآخرة، فالعذاب يأتي في الدنيا ويأتي في الآخرة.
عندما نأتي إلى الآيات نجدها عندما تتحدث عن عقوبة للمشركين في الدنيا تسميه عذاباً، وفي الآخرة تسميه عذاباً، ولا تسميه عقاباً في الآخرة بل العقاب في الدنيا فقط.
هذا من خلال النظر في جميع الآيات، لكن هناك أمرا يحتاج لتنبيه: أنه حينما يأتي الوصف لله عز وجل لا يكون مؤقتاً لا بدنيا ولا بآخرة، فحين يقول: (والله شديد العقاب) هذه صفة ثابتة عامة لله سبحانه، لكن حين يستعمل كلمة العقاب مع البشر يستعملها في الدنيا، ولا يستعملها في الآخرة، بينما العذاب استعملها للعذاب في الدنيا وفي الآخرة، واستعملها في سرعة العقاب، لأن العقاب فيه سرعة وردت في القرآن (إن ربك سريع العقاب)، وليس في القرآن سريع العذاب، وهذه بعض الآيات التي تؤكد هذا الذي بيّناه:
العقاب: (إن ربك سريع العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) الأنعام) وصف لله سبحانه وتعالى، لكن لم يصف نفسه جلّت قدرته بأنه سريع العذاب.
العذاب: الفعل عذّب والعذاب في الدنيا (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ)، وفي الآخرة (ولهم في الآخرة عذاب عظيم (114) البقرة)، وجاء بها بمعنى العقاب (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)،هذه عقوبة سمّاه عذاباً مما يدل على أن العذاب أوسع من العقاب؛ لأنه يستعمل دنيا وآخرة، ويستعمل بمكان العقاب.

اترك تعليقاً