آية (10):
* لماذا جاءت لفظة امرأة بدل زوجة في آية سورة التحريم (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امرأة نُوحٍ وَامرأة لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10))؟ (د.حسام النعيمى)
كلمة زوجة بالإضافة هي طبعاً في القرآن لم تستعمل بالتاء وإنما استعملت كلمة زوج للدلالة على الرجل أو على المرأة. الرجل زوج والمرأة زوج وهذا هو الأفصح في اللغة. هذا ليس من المشترك اللفظي لكن لو أخذنا بنظرية الاشتقاق لابن جِنّي لما نقلب حروف كلمة زوج تصير جوز ولما تفتح الجوزة هي عادة من فلقتين وكل فلقة تقريباً مساوية للأخرى فالزوج في أصل اللغة هو الواحد الذي يشكّل مع الثاني زوجين فهذا زوج وهذا زوج فهما زوجان. لما تقول زوج ليس هو أي فرد وإنما الزوج هو الذي يشكل مع الآخر زوجين هذا زوج وهذا زوج فهما زوجان لكن طول الاستعمال صار البعض يطلق كلمة الزوج على الاثنين يقول عن الشفع زوج هذا ليس خطأ في اللغة لأنه صار عندنا تطور الاستعمال لكن الأصل أن الزوج هو الذي يشكل مع الآخرين زوجين. بهذا المعنى استعمله القرآن الكريم لما قال (ثمانية أزواج: من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين) ذكر أربعة أشياء فقال ثمانية أزواج يعني ثمانية أفراد كل فردين يشكلان زوجين. وقال تعالى (وقلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين) هذا الزوج وهذا الزوج وأكّد بكلمة اثنين. رجل وامرأة زوجان زوج وزوج. يقولون الأعداد الشفعية أو الزوجية: الشفع 2 والوتر 1. كلمة زوج لم تأت مضافة إلى ما بعدها في القرآن الكريم دائماً يستعمل امرأة ما عندنا زوج فلان وإنما عندنا زوجك بالكاف أما مضافة إلى شخص باسمه فغير موجود. لما نأتي إلى امرأة نلاحظ أن كلمة زوج لو قيل في غير القرآن زوج نوح أو زوج لوط أو زوج فرعون لو قيل هكذا توحي بنوع من المقاربة والتوافق لأن الزوج هو الذي يشكل مع الثاني زوجين فلو قال زوج فلان كأنها شكلت معه شيئاً واحداً فزوج فرعون المؤمنة لا تشكل مع فرعون زوجين صحيح هي امرأته لكن لا يطلق عليها زوجه من حيث اللغة السامية الرفيعة التي تلحظ هذه المسائل الدقيقة. لمثل هذه المسائل الدقيقة هي لا تشكل معه زوجين كأنما يريد القرآن أن يبعد عن الأذهان فكرة المقاربة أن هذه قريبة من هذا. امرأة نوح لا تستحق أن ترتفع بحيث تشكل مع نوح (عليه السلام) زوجين. أما كلمة امرأة فهي مجرد تثنية امرئ يقال هذا كريم وهذه كريمة، هذا فاضل وهذه فاضلة، هذا امرؤ وهذه امرأة. تاء المؤنث لو انتبهنا إليها ينفتح لها ما قبلها (كريم، كريمَة) التاء تأخذ الإعراب وما قبلها يكون مفتوحاً فكذلك امرأة هي مؤنث امرؤ. امرؤ تتحرك الهمزة والراء تقول هذا امرؤ القيس ورأيت امرء القيس ومررت بامرئ القيس الراء والهمزة تتحركان بحركة واحدة. امرأته يعني أنثاه المؤنث لامرئ فلما نقول هي امرأة نوح ليس فيها المقاربة. حتى امرأة العزيز هي أيضاً امرأة ومن قال أنها تشاكله؟ لعله كان على جانب من القيم وعلى جانب من المُثُل وهي تراود فتاه. مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) استعمل زوجك (قل لأزواجك) لما يضيفها إلى الضمير شيء آخر لكن الإضافة إلى اسم شخص لا يوجد في القرآن زوج فلان وإنما امرأة فلان هي الأصل (اسكن أنت وزوجك الجنة) استخدم الكاف الضمير زوجك. ويكون فيها ملمح التقريب. لذلك نقول أن المناسب هنا لمّا كان هذا التباين الواسع أن تكون امرأة نوح لأن هي فعلاً أنثاه هي أنثى امرؤ. هذا تقرير واقع امرأة نوح وامرأة لوط وامرأة فرعون. ولفظ امرأة لا يحتوي على المشاكلة الأخلاقية وإنما هي المقاربة وتذكر كلمة جوز فلقتان كأنما يشكلان فلقتين هذا غير مراد هنا. من أجل ذلك هذه اللغة السامية الجميلة تستعمل هذا أما في عموم اللغة يمكن أن تقول هذه زوج فلان أو امرأة فلان لكن إذا أردت أن تأخذ هذا السمو في التعبير تستعمل الاستعمال القرآني لكلمة امرأة.