آية (84):
*ما الفرق بين أنزلنا إليك: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلى إبراهيم وَإسماعيل وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة) وأنزلنا عليك (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إبراهيم وَإسماعيل وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )84) آل عمران)؟
*د.أحمد الكبيسي:
قضية أخرى وهذه عجيبة العجائب أيضاً (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إبراهيم وَإسماعيل وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ ﴿84﴾ آل عمران) في آية أخرى (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلى إبراهيم وَإسماعيل وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ ﴿136﴾ البقرة). ما الفرق بين (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) وبين (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا)؟ نقول هبطت الطائرة على المطار ثم توجهت إلى قاعة الضيوف إلى وليس على إذاً كل شيء يأتي من الأعلى لا بد أن يصل إلى غاية، ما الذي جاء من أعلى؟ الوحي. من الذي وصل إليه الوحي؟ النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً لما قال: (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) هذا تصديق بالوحي أننا نحن نؤمن نحن المسلمون نؤمن بأن هذا القرآن جاء من الأعلى من الوحي من رب العالمين (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴿102﴾ النحل) على محمد صلى الله عليه وسلم (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) تصديقٌ بالوحي، (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) تصديقٌ بالرسالة والرسول، إذاً لم يكذب جبريل وليس هذا من كلام جبريل وإنما هو وحيٌ من الله من الأعلى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم. نحن نؤمن بأنه رسول وأنه صادق ولا يمكن أن يغيره أو يزوره فهاتان القضيتان هذا الـ (على) والـ (إلى) إحداهما تلفت أنظار الناس أنظار المسلمين إلى دقة الاعتقاد بأن هذا القرآن موحى به من الله فهو تصديقٌ بالربوبية والألوهية (وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) تصديقٌ بالرسالة والرسول وهذا هو الفرق بين (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) و(آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا). طبعاً الكلام في هذا طويل يعني لما يقول أحياناً رب العالمين مثلاً هنا يقول يا محمد قل ثم يقول قولوا والله يقول: (وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ ﴿231﴾ البقرة) هذا يعني أنك أنت المسلم هذا القرآن خالد ولا شك فيه ولا لحظة لأنك أنت قلت أنت آمنت بذلك، آمنت بما أنزل عليك (تصديق الربوبية والوحي)، بما أنزل إليك (تصديق الرسالة والرسول) رب العالمين يخاطب كل الأمم القادمة، كل المسلمين القادمين في الأجيال القادمة يقول لهم قولوا آمنا بما أنزل علينا، رب العالمين بهذه العبارة التي كررها على الأمم فمرة قال للنبي صلى الله عليه وسلم مرة قال قل إلينا وقل علينا وفهمناها، يقول للأمة قولوا ما أنزل علينا الأمة لماذا؟ رب العالمين يعلمنا بهذا أسلوباً من أساليب التعامل مع القرآن، وهذا القرآن الذي ثبت عندنا بالتجربة أنه صالحٌ لكل زمان ومكان كيف ذلك؟ أن أسلوب التعامل معه أنك عليك أن تفترض أن القرآن أنزل عليك اليوم، نحن الآن في القرن الخامس عشر، في القرن العشرين بعد 15 قرن من الإسلام وإلى يوم القيامة كل قرن عليه أن يتعامل مع القرآن كما لو كان أنزل عليه الآن، (أنزل عليه) لماذا؟ عليه أن يفهمه بموازين عصره وبفتوحات عصره وبعلوم عصره وبحاجات عصره وإلا لا تفقه معناه يبقى معطلاً، ما السبب؟ السبب أن التوراة والإنجيل حرفت بالكامل لماذا؟ لأن التوراة والإنجيل ليست هي معجزة النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا موسى وسيدنا عيسى، الكتاب التوراة والإنجيل ليس بمعجز معجزة سيدنا موسى كما تعرفون العصا وفلق البحر وكثير من المعجزات التي رآها بنو إسرائيل بأعينهم ومع ذلك كذبوها وسيدنا عيسى عليه السلام كما تعرفون أيضاً يعني يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى الخ المعجزات اليقينية فالفرق بين القرآن الكريم والتوراة والإنجيل أن القرآن الكريم هو معجزة النبي الخالدة وليس له معجزة أعظم ولا أول ولا بعد ولا قبل هذه المعجزة من حيث أن هذا القرآن يستطيع كل واحد منذ أن أنزل ونزل إلى يوم القيامة أن يفهمه فهماً مخالفاً للآخر وكلاهما صحيح، كل واحد يفهمه بعقليته ومدى معرفته وفرشة حضارته وحاجاته وتقاليد عصره وتقاليد مجتمعه. الكلمة القرآنية معبأة بمعانٍ لا حصر لها ولاحظ أنت المفسرين في كل جيل لاحظ أنت بين كل مفسر ومفسر حوالي مائة سنة كل واحد يأتي بمعنىً جديد لم يخطر على بال الذي سبقه وكلاهما صحيح ذاك صحيح في زمانه وهذا صحيح في زمانه وكلٍ منا عليه أن يفهم القرآن كما لو كان قد أنزل عليه الآن هذا الفرق.