آية (82):
* في سورة النساء قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)) فهل هناك اختلاف قليل؟(د.حسام النعيمى)
(أفلا يتدبرون القرآن) هذا نوع من التحضيض والحثّ والسؤال الاستنكاري كيف هؤلاء يقولون أن هذا من عند غير الله؟ ألا ينظرون في آياته؟ (أفلا يتدبرون القرآن) لما يدعوهم إلى تدبره معناه أنه ليس فيه اختلاف ولا ريب وليس فيه مشكل ثم يقول لهم (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) هم كأنهم يلقون هذا الشيء كأنهم يرونه ويلمسونه (لوجدوا فيه إختلافاً كثيرا) السؤال يقول: كأنه لما قال كثيراً مفهوم المخالفة كأن فيه اختلاف قليل، هو ليس هكذا. (لو) حرف امتناع لامتناع تقول: لو زارنا زيد لوهبناه مالاً كثيراً. قلت كثيراً لنوع من المبالغة أي الإكثار من الشيء وليس المبالغة كما تفهم الآن بمعنى الكذب، العرب تستعمل المبالغة للإكثار مثل غفر غافر والمبالغة فيها غفور وغفّار. فالمبالغة ليست بمعنى الكذب وإنما الكثرة فيها. فلما قال : لو زارنا زيد لوهبناه مالاً كثيراً تعني نحن نُكرِم بكثرة. هو ما زارنا إذن ما وُهِب لا قليلاً ولا كثيراً فامتنعت الهبة لامتناع الزيارة فما أخذ لا من القليل ولا من الكثير. وهنا أيضاً لو كان من عند غير الله ولكن هذا القرآن من عند الله فلو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً . امتنع الاختلاف قليله وكثيره لامتناع كونه من عند غير الله. يبقى هذا الاختلاف الكثير كما قلنا للمبالغة لو كان من عند غير الله كانوا وجدوا فيه اختلافاً كثيراً لكن أصل الاختلاف امتنع لامتناع كونه من عند غير الله فهو من الله إذن ليس فيه خلاف. تماماً كما في المثل الذي ذكرناه وقلناه (لو زارنا زيد لوهبناه مالاً كثيراً) امتنعت هبة المال بقليله وكثيره لامتناع الزيارة. وقلنا (لو) حرف امتناع لامتناع فلا يقال القرآن فيه اختلاف قليل كلا هو لا فيه اختلاف قليل ولا كثير. الاختلاف كله منفي لأن القرآن هو من عند الله سبحانه وتعالى.