آية (7):
*ما دلالة استعمال (إذا) دون (إن) في الآية (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7))؟
إذا في اللغة أقوى من إن، (إن) تستعمل للأمور المحتملة الوقوع والمشكوك في حصولها ولافتراض الأمور التي قد لا تقع أو إذا وقعت فهي أقل أما (إذا) فلا تستعمل إلا فيما هو واجب وقوع أو الذي يقع كثيراً مع أن كلاهما شرط. لما سأل موسى ربه (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي (143) الأعراف) أمر مشكوك فيه ليس بالضرورة أن يستقر. (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (71) القصص) هذا افتراض، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (72) القصص) هو أمر افتراضي غير واقع في الحياة (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا (9) الحجرات) هذا ليس أمراً يومياً وإنما قلّ ما يقع وليس كأمر الصلاة (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ (10) الجمعة). (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن) (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا (61) الأنفال). أما إذا تستعمل للمقطوع بحصوله أو كثير الحصول (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ (180) البقرة) (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ (17) الكهف) لا يمكن أن تقول إن طلعت الشمس إلا في اليوم الغائم، (وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ) ولذلك كل أحداث يوم القيامة تأتي بـ (إذا) ولا يصح أن تأتي بـ (إن) لأنها واقعة لا محالة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) التكوير) لا يمكن أن يؤتى بإن ولا يصح لأنها واقعة لا محالة وهذه قاعدة. (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ (5) التوبة) لا بد أن تنسلخ، (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ (10) الجمعة) لا بد أن تنقضي، (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا (86) النساء) هل هناك يوم لا يحيي أحد أحد؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ (282) البقرة) (فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ (282) البقرة) هذه الحالة أقل من الأولى. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ (6) المائدة) هذه أقل. (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ (25) النساء) إذا أحصن أي البلوغ فإن أتين بفاحشة هذه قليلة الحدوث. (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ (180) البقرة) هذه قاعدة. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا (28) الأحزاب) هذا افتراض. (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا (33) النور) هذا افتراض. إذا وإن تدلان على الشرط لكن (إذا) هي إما لما هو واقع لا محالة أو كثير الوقوع أما (إن) فهي افتراض وقد يكون استحالة أو أمور لا تقع ولكن ليس هنالك لها في واقع الحياة حصول (وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ (44) الطور) متى رأينا كسفاً من السماء ساقطاً؟ إذن (إذا) أقوى من (إن) من حيث الوقوع وقد وردت في القرآن 362 مرة ولم يرد في موطن واحد في افتراض أنها لم تقع بينما (إن) في افتراض، يمكن تقع أو لا تقع (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا (23) البقرة) لكنها ليست مثل (إذا). فإذن لما قال (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا) القراءة حاصلة. هناك فرق بين (إن) الشرطية وإن النافية (إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) الملك) هذه بمعنى (ما) ونميز الشرطية بفعل الشرط وجواب الشرط وإذا دخلت على المضارع تجزم وهي مختصة بالدخول على الأفعال بينما (إن) النافية تدخل على الأسماء والأفعال
الفرق بين (إذا) و(إذ):
إذ ظرف للماضي في الغالب ولا يعدونها من أدوات الشرط، إذما من أدوات الشرط (وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ (86) الأعراف) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ (9) الأحزاب) النحاة يقولون إذ للماضي وإذا للمستقبل ونحن نقول (إذ) في الغالب للماضي وإذ ليست شرطية. (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب لجوابه مبني على السكون. (إذ) اسم، ظرف زمان للماضي في الغالب لأنه في القرآن (إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ (71) غافر) وهذه للمستقبل (سوف) في جهنم يسحبون في الحميم وإن كان له تأويل آخر أنه مستقبل منزَّل منزلة الماضي لكني أعتقد أنها في الغالب للماضي كما أن (إذا) في الغالب للمستقبل وقد تكون في الماضي كما في قوله تعالى (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ (90) يونس) هو أدركه الغرق بالفعل. (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ (86) الكهف) حتى في آية الجمعة (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا (11) الجمعة) هذه الآية نزلت بعد ما وقع الأمر. النحاة لا يقولون غالباً ولكنهم يقولون أن أدوات الشرط كلها في الاستقبال.
*قال في الآية تتلى بصيغة المضارع (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا) ولم تأتي بالماضي مع أنه قال (وَلَّى مُسْتَكْبِرًا)؟
الله أعلم الفعل الماضي كما يبدو لي في الشرط يفيد حصول الحدث مرة واحدة والمضارع يفيد تكرر الحدث مثلاً نلاحظ في آيتين متتابعتين (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا (92) (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا (93)) القتل الخطأ ليس من المفروض أن يتكرر فإذا كان يقتل مؤمناً متعمداً هذا يتكرر لذا في القتل الخطأ قال (قتل) وقال (يقتل) لما كان افتراض تكرر الحدث. (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا (19) الإسراء) (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا (145) آل عمران) من أراد ماضي ومن يرد مضارع يتكرر، الثواب يتكرر، كل شيء متعلق بالثواب يتكرر أما الآخرة فواحدة. (وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ (19) الأنفال) (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا (8) الإسراء) لو لاحظنا قال (وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ) قالها في كفار قريش بعد وقعة بدر هم عادوا بينما (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) هذه في بني إسرائيل وقد ذكر أنهم يفسدون في الأرض مرتين إحداهما ذهبت وتبقى الأخرى. (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي (76) الكهف) بقي له سؤالاً واحداً، (إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) محمد) هذا متكرر بينما في الأولى سؤال واحد ثم تنقطع المصاحبة. الماضي والمضارع مع الشرط يدلان على الاستقبال لكن الماضي مرة واحدة أو أقل والمضارع فيه توقع حدوث مرات كثيرة. ولذلك هنا في آية لقمان قال (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا) دلالة على تكرار التلاوة الذي يفترض أن يؤدي إلى التأمل والتفكر والانتباه يدعوه للتأمل وهذا بخلاف لو قال تليت عليه احتمال أن تكون تليت مرة واحدة. وقال (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا) قال آياتنا بإضافة الآيات إلى ضمير التعظيم لله تعالى لتعظيم فعلة هذا والتشنيع عليه أن آيات الله ويستهزئ بها وولى مستكبراً كأن لم يسمعها.
*قال تعالى في آية سورة لقمان (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) وفي الجاثية تحدث عن هذا المعنى بصورة مختلفة (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)) لم يقل كأن في أذنيه وقراً فلم فذ آية لقمان بالتحديد وردت (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا)؟
نقرأ الآيات في سورة لقمان (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)) وفي الجاثية (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)) كيف يكون في أذنيه وقر وهو يسمع كلام الله؟ في لقمان لم يقل يسمع آيات الله، قال تتلى عليه لكنه لم يقل يسمعها. أما في الجاثية قال يسمع آيات الله تتلى عليه فكيف يقول في أذنيه وقراً؟ لما لم يقل يسمع ناسب أن يقول (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) في لقمان. السماع يأتي من التلاوة هناك من يتلو حتى يسمع. الوقر المانع يمنعه من السماع هنالك شيء في أذنه لا يسمع جيداً.
*الملاحظ بقوله تعالى (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) فبشره بضمير الإفراد ولم يجمع الضمير مع أنه سبق الخطاب بالجمع (أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) فلماذا؟
قال سبحانه (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) نلاحظ هنا ذكره وحده لم يذكر معه أحداً آخر ونلاحظ سياق الآية كلها تتكلم عن شخص واحد (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) إفراد، بينما الآية قبلها التي جمع فيها يتكلم عليه وعلى من أضله (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6)) هناك أصبح جماعة تهديد له ولمن يضله فقال (أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) بالجمع وليس له وحده، فإذن هناك كان التهديد للجمع (أولئك لهم عذاب مهين) له ولمن يضله وهنا لما كان الكلام هنا عليه وحده أفرد قال (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) وقال بشره مع أن البشرى لا تكون إلا في الخير استهزاء به وسخرية منه فقال (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
*ختمت الآية بقوله تعالى (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) وفي آية قبلها قال (أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) فما الفرق بين العذاب المهين والعذاب الأليم؟
هذا ليس تعرضاً وإنما وصف آخر، الإهانة تكون إذا وقعت أمام الآخرين. يكون العذاب مهيناً إذا كان هناك من يشهد العذاب إذا لم يكن هنالك من يشهد فالإهانة ليست ظاهرة وكلما كان المشاهدين والحاضرين أكثر كانت الإهانة أكثر. هذا ذكر هنالك من يُضلهم (عذاب مهين) لأنه يشهد بعضهم هذا الذي أضلهم سيعذب أمامهم فهي إذن هذه إهانة له هذا الذي كان يفعل هكذا ويضل هو الآن يعذّب وله عذاب مهين يهينه أمام هؤلاء الذين أضلهم وهؤلاء أيضاً كلهم سيعذبون وكل منهم يشهد عذاب الآخر فهم في عذاب مهين. أما في الآية الثانية فهو وحده له عذاب أليم لا ينطبق عليه مهين. العذاب المهين قد يكون أليماً وهو أولاً كونه مستهزئ جمع أمرين لأن الذين يستهزئ بهم هو أهانهم وآلمهم. الإهانة بحد ذاتها قد يكون فيها إيلام للآخرين فجمع الله تعالى له بين الإهانة والألم. وقد يكون العذاب المهين ليس مؤلماً جسدياً ولكن مؤلم نفسياً أما هنا فجمع له بين العذابين الإهانة والإيلام في مجموعهم (أليم ومهين). أول مرة قال (أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) هذه إهانة ثم قال (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) هذا ألم إذن صار له عذابين إهانة وألم وليس مهيناً فقط من دون إيلام. قد يكون على سبيل المثال أن أحداً في سبيل المبدأ، في سبيل القرآن، في سبيل الإسلام يُعذّب لكن لا يرى فيه إهانة بل يرى فيه فلاحاً وثباتاً وعزة وصلاحاً وحسنة. بينما هنا جمع له عذاب مهين وأليم كما استهزأ بالآخرين وأهانهم وآلمهم هنا جمع له عذاب مهين وأليم. وقد يكون المهين غير مؤلم جسدياً لا يشترط في اللغة أن يكون مؤلماً جسدياً فجمعهم مهين وأليم. مهين يشهد بعضهم عذاب بعض والإهانة وما إلى ذلك وما كان يضلهم فأهانه أمام جماعته وشهد بعضهم عذاب بعض وإهانة العذاب لهم وآلمهم به فجمع بينهما.
*تقدير العذاب في القرآن الكريم (عذاب أليم، مهين، شديد) هل يرتبط نوع العذاب بصدر الآية القرآنية؟
يرتبط ويرتبط بفعل المعذب ماذا يقدم له من فعل المعذب وكيف قدم له؟ فيذكر بسبب السياق وفيما اقتضى العذاب.