* متى تستعمل (مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120) البقرة) ومتى (وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) الشورى)؟( د.فاضل السامرائى)
من دون الله يعني من غير الله، أما من الله أي ليس لكم ولي من الله ينصركم، لم يُهيء أحد ينصركم، ليس هنالك نصير من الله ينصركم، من الملائكة أو من غير الملائكة، لكن يهيئه الله تعالى من جهته، أما من دون الله فتعني من غير الله، إذًا المعنى مختلف تماماً.
* ما الفرق بين (من بعد ما جاءك) و(بعد الذي جاءك) في الآيتين (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145) البقرة) وفي الآية (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120))؟( د.فاضل السامرائى)
هنالك أمران: أولاً مجيء (من) في إحداهما وعدم مجيء (من) في الأخرى، إحداهما فيها (من) قبل (بعد) والأخرى (بعد الذي جاءك)، والآخر اختيار الذي وما.
سبق أن ذكرنا أكثر من مرة أن (الذي) اسم موصول مختص، و(ما) مشترك. والمختص أعرف من المشترك عموماً، فمعناها أن (الذي) أعرف من (ما)، لأن (ما) تكون للمفرد والمذكر والمؤنث والمثنى والجمع أما الذي فهي خاصة بالمفرد المذكر، إذًا (الذي) أعرف باعتباره مختص، و (ما) عام. هذا حكم نحوي.
لكن كيف استعمل (بعد الذي) وكيف استعمل (ما) في الآيتين؟ نقرأ الآيتين (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(121).
يتلون الكتاب تعني أنه صار محدداً، ويتلونه أي العلم الذي جاء به، تحدد الذي بالسياق في القرآن.
وفي الآية الأخرى (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145)هنا الكلام مطلق لم يحدد بشيء، فالذي أخص؛ لأن الكلام كان عن القرآن، فاستعمل (ما) في المطلق، واستعمل (الذي) في المقيَّد.
(من بعد) (من) هي لابتداء الغاية، ابتداء المكان، بداية الشيء من كذا إلى كذا، وهي حرف جر، ولذلك هناك فرق بين فوقهم ومن فوقهم، قوله (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا (10) فصلت) مباشرة، ليس هنالك فاصل، أما (فوقها) فتحتمل القريب والبعيد (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ (6) ق) (وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ (154) النساء)، فحرف الجر في اللغة يؤدي إلى تغيير الدلالة.
* هل هذه الدلالة لـ (مِنْ) تنطبق على الأمور الحسية الملموسة أو الأمور المعنوية أيضاً؟
(من) ليس لها دلالة واحدة، وإنما فيها معان كثيرة، فهي تأتي لمعان، ولكن أبرزها ابتداء الغاية.
(من بعد ما جاءك) السياق في الكلام في تحويل القبلة، متى يؤمر المسلم بتحويل القبلة ؟ عندما تنزل الآية مباشرة، ينبغي أن يتحول إلى القبلة، من سمع بها نفّذها، فالذي كان في الصلاة، وسمع هذه الآية اتجه مباشرة، والذي سمع فيما بعد لا ينتظر، وإنما ينفّذ الآية مباشرة، إذًا ابتداء الغاية لا يحتمل أي تغيير، تحويل القبلة متى سمعتها نفّذتها. والآية الأولى ليس فيها هذا الشيء. إذًا (من) إبتداء الغاية.

اترك تعليقاً